أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٥٣١
بخلق جديد وما ذالك على الله بعزيز) *. وقوله تعالى: * (الفقرآء وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا) *، وقد قدمنا هذا في سورة النساء في الكلام على قوله تعالى: * (إن يشأ يذهبكم أيها الناس) *. وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (وننشئكم فى ما لا تعلمون) *، فيه للعلماء أقوال متقاربة.
قال بعضهم: ننشئكم بعد إهلاككم فيما لا تعلمونه من الصور والهيئات، كأن ننشئكم قردة وخنازير، كما فعلنا ببعض المجرمين قبلكم.
وقال بعضهم: ننشئكم فيما لا تعلمونه من الصفات، فنغير صفاتكم ونجمل المؤمنين ببياض الوجوه، ونقبح الكافرين بسواد الوجوه وزرقة العيون. إلى غير ذلك من الأقوال. قوله تعالى: * (أفرءيتم ما تحرثون أءنتم تزرعونه أم نحن الزارعون لو نشآء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون) *. تضمنت هذه الآية الكريمة برهانا قاطعا ثانيا على البعث وامتنانا عظيما على الخلق بخلق أرزاقهم لهم، فقوله تعالى: * (أفرءيتم ما تحرثون) *، يعني أفرأيتم البذر الذي تجعلونه في الأرض بعد حرثها أي تحريكها وتسويتها أأنتم تزرعونه، أي تجعلونه زرعا، ثم تنمونه إلى أن يصير مدركا صالحا للأكل أم نحن الزارعون له، ولا شك أن الجواب الذي لا جواب غيره هو أن يقال: أنت يا ربنا هو الزارع المنبت، ونحن لا قدرة لنا على ذلك، فيقال لهم: كل عاقل يعلم أن من أنبت هذا السنبل من هذا البذر الذي تعفن في باطن الأرض قادر على أن يبعثكم بعد موتكم، وكون إنبات النبات بعد عدمه من براهين البعث، جاء موضحا في آيات كقوله: * (ومن ءاياته أنك ترى الا رض خاشعة فإذآ أنزلنا عليها المآء اهتزت وربت إن الذى أحياها لمحى الموتى) * وقوله تعالى: * (فانظر إلىءاثار رحمة الله كيف يحى الا رض بعد موتهآ إن ذلك لمحى الموتى وهو على كل شىء قدير) *، وقوله تعالى: * (حتى إذآ أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به المآء فأخرجنا به من كل الثمرات كذالك نخرج الموتى لعلكم تذكرون) *.
والآيات بمثل هذا كثيرة معلومة، وقد قدمناها مستوفاة مع سائر آيات براهين البعث في مواضع كثيرة في سورة البقرة والنحل والجاثية، وغير ذلك من المواضع،
(٥٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 526 527 528 529 530 531 532 533 534 535 536 ... » »»