قال بعض العلماء: المعنى فظلتم تعجبون من تحطيم زرعكم.
وقال بعض العلماء: تفكهون بمعنى تندمون على ما خسرتم من الإنفاق عليه كقوله تعالى: * (فأصبح يقلب كفيه على مآ أنفق فيها) *.
وقال بعض العلماء: تندمون على معصية الله التي كانت سببا لتحطيم زرعكم، والأول من الوجهين في سبب الندم هو الأظهر.
* (أفرءيتم المآء الذى تشربون * أءنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون * لو نشآء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون * أفرءيتم النار التى تورون * أءنتم أنشأتم شجرتهآ أم نحن المنشئون * نحن جعلناها تذكرة ومتاعا للمقوين * فسبح باسم ربك العظيم) * قوله تعالى: * (أفرءيتم المآء الذى تشربون أءنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون لو نشآء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون) *.
تضمنت هذه الآية الكريمة امتنانا عظيما على خلقه بالماء الذي يشربونه، وذلك أيضا آية من آياته الدالة على عظمته وكمال قدرته وشدة حاجة خلقه إليه، والمعنى: أفرأيتم الماء الذين تشربون الذي لا غنى لكم عنه لحظة ولو أعدمناه لهلكتم جميعا في أقرب وقت: * (أءنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون) *.
والجواب الذي لا جواب غيره هو أنت يا ربنا هو منزله من المزن، ونحن لا قدرة لنا على ذلك. فيقال لهم: إذا كنتم في هذا القدر من شدة الحاجة إليه تعالى فلم تكفرون به وتشربون ماءه وتأكلون رزقه وتعبدون غيره، وما تضمنته هذه الآية الكريمة من الامتنان على الخلق بالماء وأنهم يلزمهم الإيمان بالله وطاعته شكرا لنعمة هذا الماء، كما أشار له هنا بقوله: * (فلولا تشكرون) * جاء في آيات أخر من كتاب الله كقوله تعالى: * (فأنزلنا من السمآء ماء فأسقيناكموه ومآ أنتم له بخازنين) *، وقوله تعالى: * (هو الذى أنزل من السماء مآء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون) *، وقوله تعالى: * (وأنزلنا من السمآء مآء طهورا لنحيى به بلدة ميتا ونسقيه مما خلقنآ أنعاما وأناسى كثيرا) *. وقوله تعالى: * (وأسقيناكم مآء فراتا) * إلى غير ذلك من الآيات. وقوله هنا: * (لو نشآء جعلناه أجاجا) * أي لو نشاء جعله أجاجا لفعلنا، ولكن جعلناه عذبا فراتا سائغا شرابه، وقد قدمنا في سورة الفرقان أن الماء الأجاج هو الجامع بين الملوحة والمرارة الشديدتين.