أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٥٢٧
في غير هذا الموضع كقوله في آخر هذه السورة الكريمة: * (فنزل من حميم وتصلية جحيم) *، وقوله تعالى في آخر الكهف: * (إنآ أعتدنا جهنم للكافرين نزلا) *، ونظير ذلك من كلام العرب قول أبي السعد الضبي: إنآ أعتدنا جهنم للكافرين نزلا) *، ونظير ذلك من كلام العرب قول أبي السعد الضبي:
* وكنا إذا الجبار بالجيش ضافنا * جعلنا القنا والمرهفات له نزلا * وقوله: * (يوم الدين) * أي يوم الجزاء كما تقدم مرارا. قوله تعالى: * (نحن خلقناكم فلولا تصدقون) *. لما أنكر الكفار بعثهم وآباءهم الأولين، وأمر الله رسوله أن يخبرهم أنه تعالى باعث جميع الأولين والآخرين، وذكر جزاء منكري البعث بأكل الزقوم وشرب الحميم، أتبع ذلك بالبراهين القاطعة الدالة على البعث فقال: نحن خلقناكم هذا الخلق الأول فلولا تصدقون. أي فهل لا تصدقون بالبعث الذي هو الخلق الثاني، لأن إعادة الخلق لا يمكن أن تكون أصعب من ابتدائه كما لا يخفى.
وهذا البرهان على البعث بدلالة الخلق الأول على الخلق الثاني، جاء موضحا في آيات كثيرة جدا كقوله تعالى * (وهو الذى يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه) *، وقوله: * (كما بدأنآ أول خلق نعيده وعدا علينآ إنا كنا فاعلين) *، وقوله تعالى: * (ياأيها الناس إن كنتم فى ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب) * وقوله تعالى: * (قل يحييها الذى أنشأهآ أول مرة) *، وقوله تعالى: * (فسيقولون من يعيدنا قل الذى فطركم أول مرة) *، والآيات بمثل هذا كثيرة معلومة، وقد ذكرناها بإيضاح وكثرة في مواضع كثيرة من هذا الكتاب المبارك في سورة البقرة والنحل والحج والجاثية، وغير ذلك من المواضع وأحلنا عليها كثيرا.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (فلولا تصدقون) *، لولا حرف تحضيض، ومعناه الطلب بحث وشدة، فالآية تدل على شدة حث الله للكفار وحضه لهم على التصديق بالبعث لظهور برهانه القاطع الذي هو خلقه لهم أولا. قوله تعالى: * (أفرءيتم ما تمنون أءنتم تخلقونه أم نحن الخالقون) *. قد قدمنا قريبا كلام أهل العلم في همزة الاستفهام المتبوعة بأداة عطف، وذكرنا قبل
(٥٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 522 523 524 525 526 527 528 529 530 531 532 ... » »»