فإن التجاء العبد إلى ربه في ذلك أيضا من خصائص ربوبيته جل وعلا كما قال تعالى: * (قل من يرزقكم من السمآء والا رض) * وقال تعالى: * (فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له) *. وقال تعالى: * (يهب لمن يشآء إناثا ويهب لمن يشآء الذكور) *. وقال تعالى: * (وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات) * وقال تعالى: * (واسألوا الله من فضله) * إلى غير ذلك من الآيات.
وفي الحديث (إذا سألت فاسأل الله).
وقد أثنى الله جل وعلا على نبيه صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالتجائهم إليه وقت الكرب يوم بدر في قوله: * (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم) *. فنبينا صلى الله عليه وسلم كان هو وأصحابه إذا أصابهم أمر أو كرب التجؤوا إلى الله وأخلصوا له الدعاء. فعلينا أن نتبع ولا نبتدع.
تنبيه اعلم أنه يجب على كل مسلم أن يتأمل في معنى العبادة، وهي تشمل جميع ما أمر الله أن يتقرب إليه به من جميع القربات فيخلص تقربه بذلك إلى الله ولا يصرف شيئا منه لغير الله كائنا ما كان.
والظاهر أن ذلك يشمل هيئات العبادة فلا ينبغي للمسلم عليه صلى الله عليه وسلم أن يضع يده اليمنى على اليسرى كهيأة المصلي، لأن هيأة الصلاة داخلة في جملتها فينبغي أن تكون خالصة لله، كما كان صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه يخلصون العبادات وهيئاتها لله وحده.
* (ياأيها الذين ءامنوا إن جآءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيببوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين * واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم فى كثير من الا مر لعنتم ولاكن الله حبب إليكم الايمان وزينه فى قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولائك هم الراشدون * فضلا من الله ونعمة والله عليم حكيم * وإن طآئفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التى تبغى حتى تفىء إلى أمر الله فإن فآءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين * إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون * ياأيها الذين ءامنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نسآء من نسآء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالا لقاب بئس الاسم الفسوق بعد الايمان ومن لم يتب فأولائك هم الظالمون * ياأيها الذين ءامنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم * ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبآئل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير * قالت الا عراب ءامنا قل لم تؤمنوا ولاكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الايمان فى قلوبكم وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا إن الله غفور رحيم * إنما المؤمنون الذين ءامنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله أولائك هم الصادقون * قل أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما فى السماوات وما فى الا رض والله بكل شىء عليم * يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا على إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للايمان إن كنتم صادقين * إن الله يعلم غيب السماوات والا رض والله بصير بما تعملون) * قوله تعالى: * (ياأيها الذين ءامنوا إن جآءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيببوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) *. نزلت هذه الآية الكريمة في الوليد بن عقبة بن أبي معيط، وقد أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى بني المصطلق من خزاعة ليأتيهم بصدقات أموالهم فلما سمعوا به تلقوه فرحا به، فخاف منهم وظن أنهم يريدون قتله، فرجع إلى نبي صلى الله عليه وسلم وزعم له أنهم منعوا الصدقة وأرادوا قتله، فقدم وفد منهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه بكذب الوليد فأنزل الله هذه الآية.
وهي تدل على عدم تصديق الفاسق في خبره.