أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون) *.
بل الذي كان يأمر به صلى الله عليه وسلم هو ما يأمره الله بالأمر به في قوله تعالى * (قل ياأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سوآء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون) *.
واعلم أن كل عاقل إذا رأى رجلا متدينا في زعمه مدعيا حب النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه وهو يعظم النبي صلى الله عليه وسلم ويمدحه بأنه هو الذي خلق السماوات والأرض وأنزل الماء من السماء وأنبت به الحدائق ذات البهجة، وأنه صلى الله عليه وسلم هو الذي جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا إلى آخر ما تضمنته الآيات المتقدمة، فإن ذلك العاقل لا يشك في أن ذلك المادح المعظم في زعمه من أعداء الله ورسوله المتعدين لحدود الله.
وقد علمت من الآيات المحكمات أنه لا فرق بين ذلك وبين إجابة المضطرين وكشف السوء عن المكروبين.
فعلينا معاشر المسلمين أن ننتبه من نومة الجهل وأن نعظم ربنا بامتثال أمره واجتناب نهيه، وإخلاص العبادة له، وتعظيم نبينا صلى الله عليه وسلم باتباعه والاقتداء به في تعظيم الله والإخلاص له والاقتداء به في كل ما جاء به.
وألا نخالفه صلى الله عليه وسلم ولا نعصيه، وألا نفعل شيئا يشعر بعدم التعظيم والاحترام، كرفع الأصوات قرب قبره صلى الله عليه وسلم، وقصدنا النصيحة والشفقة لإخواننا المسلمين ليعملوا بكتاب الله، ويعظموا نبيه صلى الله عليه وسلم تعظيم الموافق لما جاء به صلى الله عليه وسلم ويتركوا ما يسميه الجهلة محبة وتعظيما وهو في الحقيقة احتقار وازدراء وانتهاك لحرمات الله، ورسوله صلى الله عليه وسلم * (ليس بأمانيكم ولا أمانى أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولائك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا) *.
واعلم أيضا رحمك الله: أنه لا فرق بين ما ذكرنا من إجابة المضطر وكشف السوء عن المكروب، وبين تحصيل المطالب التي لا يقدر عليها إلا الله، كالحصول على الأولاد والأموال وسائر أنواع الخير.