* (الحمد لله الذى أنزل على عبده الكتاب) *.
وقد بين تعالى أنه أنزل هذه النعمة في شهر رمضان، فكان نزول هذه النعمة في شهر رمضان مقتضيا لصومه لا لجعل أيامه أعيادا يستقبح صومها، لأن الله تعالى قال * (شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) *.
وهذا هو أعظم النعم، وقد رتب على هذا بالفاء قوله بعده، * (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) * فافهم.
والمقصود بهذا المثال النصيحة للذين لم يقدروا على غير هذا التقليد الأعمى ليبحثوا في كتب المذهب وأمهاته عن أقوال الإمام وكبار أصحابه ليفرقوا بينها وبين أنواع الاستحسان التي لا مستند لها، التي يدخلها المتأخرون وقتا بعد وقت وهي ظاهرة الفساد عند من رزقه الله علما بكتاب الله وسنة رسوله.
ومما لا شك فيه أن أقوال مالك وكبراء أصحابه مثلا، أحرى بالصواب في الجملة من استحسان ابن عباد وابن عاشر وأمثالهما.
التنبيه العاشر اعلم أن الدعوى التي اتفق عليها متأخرو الأصوليين التي تتضمن حكمهم على خالق السماوات والأرض جل وعلا لا يجوز لمسلم تريد الحق والإنصاف أن يعتقدها، ولا أن يصدقهم فيها لظهور عدم صحتها ومخالفتها للنص، والحكم فيها على الله بلا مستند، وهو جل وعلا الذي يحكم لا معقب لحكمه، وهو سريع الحساب.
وهذه الدعوى المذكورة هي المتركبة مما يأتي، وهو أن الاجتهاد قد انقرض في الدنيا وانسد بابه.
وأن الله تعالى محكوم عليه بأن لا يخلق مجتهدا ولا يعلم أحدا من خلقه علما يمكن أن يكون به مجتهدا إلى ظهور المهدي المنتظر.
وأنه لا يجوز لأحد أن يعمل بكتاب ولا سنة ولا أن يقلد أحدا كائنا من كان غير الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب المدونة، كما نص على هذه الدعوى حاكيا إجماعهم عليها صاحب مراقي السعود في قوله: وأنه لا يجوز لأحد أن يعمل بكتاب ولا سنة ولا أن يقلد أحدا كائنا من كان غير الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب المدونة، كما نص على هذه الدعوى حاكيا إجماعهم عليها صاحب مراقي السعود في قوله:
* والمجمع اليوم عليه الأربعة * وقفو غيرها الجميع منعه *