يجب عليه أن يتنبه تنبها تاما للفرق بين أقوال ذلك الإمام التي خالها حقا، وبين ما ألحق بعده على قواعد مذهبه، وما زاده المتأخرون وقتا بعد وقت من أنواع الاستحسان التي لا أساس لها في كتاب الله ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
ولو علم الإمام بإلحاقهم بمذهبه، لتبرأ منها، وأنكر على ملحقها، فنسبة جميع ذلك للإمام من الباطل الواضح.
ويزيده بطلانا نسبته إلى الله ورسوله، بدعوى أنه شرع ذلك على لسان رسوله، ونحو هذا كثير في المختصرات في المذاهب وكتب المتأخرين منهم.
ومن أمثلته في مذهب مالك قول خليل المالكي في مختصره الذي قال فيه مبينا لما به الفتوى: كأقل الطهر يعني أن قل الطهر بين الحيضتين خمسة عشر يوما.
والذين يعتقدون مذهب مالك يعتقدون أن مالكا يقول: بأن أقل الطهر بين الحيضتين خمسة عشر يوما.
وهذا لم يقله مالك أبدا ولم يفت به ولم يروه عنه أحد من أصحابه.
والذي كان يقوله مالك: إن أقل الطهر ثمانية أيام أو عشرة أيام.
وهو الذي نقله عنه أجلاء أهل مذهبه كأبي محمد بن أبي زيد في رسالته رحمه الله.
والقول بأن أقل الطهر خمسة عشر هو قول ابن مسلمة واعتمده صاحب التلقين، وجعله ابن شاش المشهور أي مشهور مذهب مالك.
مع أن مالكا لم يقله ولم يعلم به، وأمثال هذا كثيرة جدا في مذهب مالك وغيره.
ومثال استحسان المتأخرين ما لم يقله الإمام مما لا شك أنه لو بلغ الإمام لم يقبله قول الحطاب في شرحه لقول خليل في مختصره في الصوم: وعاشوراء وتاسوعاء. ما نصه: قال الشيخ زروق في شرح القرطبية: صيام المولد كرهه بعض من قرب عصره ممن صلح علمه وورعه.
قال إنه من أعياد المسلمين فينبغي ألا يصام فيه، وكان شيخنا أبو عبد الله القوري يذكر ذلك كثيرا ويستحسنه. انتهى.
قلت: لعله يعني ابن عباد. فقد قال في رسائله الكبرى ما نصه: وأما المولد فالذي يظهر لي أنه عيد من أعياد المسلمين وموسم من مواسمهم، وكل ما يفعل فيه مما