أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٣٨٧
وإن قدرت متعدية كان ذلك تأسيسا.
لأن قوله: كفروا يدل على كفرهم في أنفسهم.
وقوله: وصدوا على أنه متعد يدل على أنهم حملوا غيرهم على الكفر وصدوه عن الحق، وهذا أرجح مما قبله.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (وشآقوا الرسول) * أي خالفوا محمدا صلى الله عليه وسلم مخالفة شديدة.
وقد دلت هذه الآية الكريمة على أمرين أحدهما أن الذين كفروا وصدوا غيرهم عن الحق وخالفوه صلى الله عليه وسلم لن يضروا الله بكفرهم شيئا، لأنه غني لذاته الغنى المطلق.
والثاني أنهم إنما يضرون بذلك أنفسهم، لأن ذلك الكفر سبب لإحباط أعمالهم، كما قال تعالى: * (وسيحبط أعمالهم) *.
وهذان الأمران اللذان تضمنتهما هذه الآية الكريمة جاءا موضحين في آيات من كتاب الله.
فمن الآيات الدالة على الأول الذي هو غنى الله عن خلقه، وعدم تضرره بمعصيتهم، قوله تعالى: * (ومن كفر فإن الله غنى عن العالمين) *.
وقوله تعالى: * (إن تكفروا فإن الله غنى عنكم) *.
وقوله تعالى: * (وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن فى الا رض جميعا فإن الله لغنى حميد) *.
وقوله تعالى: * (قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغني له ما فى السماوات وما فى الا رض) *.
وقوله تعالى: * (فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غنى حميد) *.
وقوله تعالى: * (ياأيها الناس أنتم الفقرآء إلى الله والله هو الغنى الحميد) * إلى غير ذلك من الآيات.
ومن الآيات الدالة على الثاني وهو إحباط أعمالهم بالكفر أي إبطالها به قوله
(٣٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 ... » »»