بل سنتهم هي اتباع كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وتقديمهما على كل شيء.
لأنهم هم أتبع الناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأشدهم حرصا على العمل بما جاء به.
فالذي يقدم آراء الرجال على كتاب الله وسنة رسوله ويستدل على ذلك بحديث (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين) الحديث، هو كما ترى.
وأقوال الخلفاء رضي الله عنهم وأفعالهم كلها معروفة مدونة إلى الآن ليس فيها تقليد أعمى ولا جمود على قول رجل واحد.
وإنما هي عمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
ومشاورة لأصحابه فيما نزل من النوازل واستنباط ما لم يكن منصوصا من نصوص الكتاب والسنة على أحسن الوجوه وأتقنها، وأقربها لرضى الله والاحتياط في طاعته.
وكانوا إذا بلغهم شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجعوا إليه ولو كان مخالفا لرأيهم.
فقد رجع أبو بكر الصديق رضي الله عنه إلى قول المغيرة بن شعبة، ومحمد بن مسلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم فرض للجدة السدس.
وكان أبو بكر يرى أنها لا ميراث لها، وقد قال لها لما جاءته (لا أرى لك شيئا في كتاب الله ولا أعلم لك شيئا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم).
وقد رجع عمر إلى قول المذكورين في دية الجنين أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل فيها غرة عبد أو وليدة.
ورجع عمر أيضا إلى حديث عبد الرحمن بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر.
ورجع عمر أيضا إلى قول الضحاك بن سفيان أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إليه أن يورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها.
ورجع عثمان بن عفان إلى حديث فريعة بنت مالك أخت أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بالسكنى في البيت الذي توفي عنها زوجها وهي فيه حتى تنقضي عدتها.
وكان عثمان بعد ذلك يفتي بوجوب السكنى للمتوفى عنها حتى تنقضي عدتها.