وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يوم نحس يوم الأربعاء).
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال: (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأيام، وسئل عن يوم الأربعاء قال: يوم نحس، قالوا كيف ذاك يا رسول الله؟ قال: أغرق فيه الله فرعون وقومه، وأهلك عادا وثمود).
وأخرج وكيع في الغرر وابن مردويه والخطيب بسند ضعيف عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (آخر أربعاء في الشهر يوم نحس مستمر).
فهذه الروايات وأمثالها لا تدل على شؤم يوم الأربعاء على من لم يكفر بالله ولم يعصه لأن أغلبها ضعيف وما صح معناه منها، فالمراد بنحسه شؤمه على أولئك الكفرة العصاة الذين أهلكهم الله فيه بسبب كفرهم ومعاصيهم.
فالحاصل أن النحس والشؤم إنما منشأة وسببه الكفر والمعاصي.
أما من كان متقيا لله مطيعا له، في يوم الأربعاء المذكور فلا نحس، ولا شؤم فيه عليه. فمن أراد أن يعرف النحس والشؤم والنكد، والبلاء والشقاء على الحقيقة، فليتحقق أن ذلك كله في معصية الله وعدم امتثال أمره، والعلم عند الله تعالى. قوله تعالى: * (وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى) *. قوله تعالى في هذه الآية الكريمة * (فهديناهم) * المراد بالهدى فيه هدى الدلالة والبيان، والإرشاد، لا هدى التوفيق والاصطفاء.
والدليل على ذلك قوله تعالى بعده * (فاستحبوا العمى على الهدى) *، لأنها لو كانت هداية توفيق لما انتقل صاحبها عن الهدى إلى العمى.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة * (فاستحبوا العمى على الهدى) * أي اختاروا الكفر على الإيمان، وآثروه عليه، وتعوضوه منه.
وهذا المعنى الذي ذكرنا يوضحه قوله تعالى: * (ياأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا ءابآءكم وإخوانكم أوليآء إن استحبوا الكفر على الإيمان) * فقوله في آية التوبة هذه: