واعلم أن التحقيق، أن المراد بالطاغية في قوله تعالى: * (فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية) * أنها الصيحة التي أهلكهم الله بها، كما يوضحه قوله بعده: * (وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية) *.
خلافا لمن زعم أن الطاغية، مصدر كالعاقبة، والعافية، وأن المعنى أنهم أهلكوا بطغيانهم، أي بكفرهم، وتكذيبهم نبيهم، كقوله: * (كذبت ثمود بطغواهآ) *.
وخلافا لمن زعم أن الطاغية هي أشقاهم، الذي انبعث فعقر الناقة، وأنهم أهلكوا بسبب فعله وهو عقره الناقة، وكل هذا خلاف التحقيق.
والصواب إن شاء الله هو ما ذكرنا، والسياق يدل عليه واختاره غير واحد.
وأما قوله تعالى: * (فدمدم عليهم ربهم بذنبهم) * فإنه لا يخالف ما ذكرنا، لأن معنى دمدم عليهم ربهم بذنبهم، أي أطلق عليهم العذاب وألبسهم إياه، بسبب ذنبهم.
قال الزمخشري في معنى دمدم: وهو من تكرير قولهم ناقة مدمومة، إذا ألبسها الشحم.
وأما إطلاق العذاب عليه في سورة الشعراء فواضح، فاتضح رجوع معنى الآيات المذكورة إلى شيء واحد.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة * (صاعقة العذاب الهون) * من النعت بالمصدر، لأن الهون مصدر بمعنى الهوان، والنعت بالمصدر أسلوب عربي معروف، أشار إليه في الخلاصة بقوله: لأن الهون مصدر بمعنى الهوان، والنعت بالمصدر أسلوب عربي معروف، أشار إليه في الخلاصة بقوله:
* ونعتوا بمصدر كثيرا * فالتزموا الإفراد والتذكيرا * وهو موجه بأحد أمرين:
أحدهما: أن يكون على حذف مضاف. أي العذاب ذي الهون.
والثاني: أنه على سبيل المبالغة، فكأن العذاب لشدة اتصافه بالهوان اللاحق بمن وقع عليه، صار كأنه نفس الهوان، كما هو معروف في محله.