كونه أمرا من عندنا، وهذا الوجه جيد ظاهر، وإنما ساغ إتيان الحال من النكرة وهي متأخرة عنها لأن النكرة التي هي (أمر) وصفت بقوله (حكيم) كما لا يخفى.
وقال بعضهم (أمرا) مفعول به لقوله (منذرين) وقيل غير ذلك.
واختار الزمخشري: أنه منصوب بالاختصاص، فقال: جعل كل أمر جزلا فخما بأن وصفه بالحكيم ثم زاده جزالة وأكسبه فخامة، بأن قال: أعني بهذا الأمر أمرا حاصلا من عندنا، كائنا من لدنا، وكما اقتضاه علمنا وتدبيرنا وهذا الوجه أيضا ممكن، والعلم عند الله تعالى. قوله تعالى: * (إنا كنا مرسلين رحمة من ربك) *. قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الكهف، في الكلام على قوله تعالى * (فوجدا عبدا من عبادنآ ءاتيناه رحمة من عندنا) *. وفي سورة فاطر في الكلام على قوله تعالى * (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها) *. قوله تعالى: * (ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون) *. هذا الذي ادعوه على النبي صلى الله عليه وسلم افتراء، من أنه معلم، يعنون أن هذا القرآن علمه إياه بشر، وأنه صلى الله عليه وسلم مجنون، قد بينا الآيات الموضحة لإبطاله.
أما دعواهم أنه معلم فقد قدمنا الآيات الدالة على تلك الدعوى في سورة النحل، في الكلام على قوله تعالى: * (ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر) * وفي سورة الفرقان في الكلام على قوله تعالى: * (وقال الذين كفروا إن هاذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم ءاخرون) * إلى قوله * (فهى تملى عليه بكرة وأصيلا) *.
وبينا الآيات الموضحة لافترائهم وتعنتهم في سورة النحل في الكلام على قوله تعالى: * (لسان الذى يلحدون إليه أعجمى وهاذا لسان عربى مبين) *.
وفي الفرقان في الكلام على قوله تعالى: * (فقد جآءوا ظلما وزورا وقالوا أساطير الا ولين اكتتبها) *.
وأما دعواهم أنه مجنون، فقد قدمنا الآيات الموضحة لها. ولإبطالها في سورة قد