أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ١٦٦
وقد قدمنا أن مثل هذا أسلوب عربي معروف وأوردنا شاهدا لذلك رجز سهل بن مالك الفزاري في قوله:
* يا أخت خير البدو والحضارة * كيف ترين في فتى فزاره * * أصبح يهوى حرة معطاره * إياك أعني واسمعي يا جاره * وقد بسطنا القصة هناك، وبينا أن قول من قال: إن الخطاب في قوله تعالى: * (إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما) *: لكل من يصح خطابه من أمته، صلى الله عليه وسلم لا له هو نفسه، باطل بدليل قوله تعالى بعده في سياق الآيات: * (ذالك ممآ أوحى إليك ربك من الحكمة) *.
والحاصل أن آية: * (فإن كنت في شك ممآ أنزلنآ إليك) *. لا ينقص بها الضابط الذي ذكرنا لأنها كقوله: * (لا تجعل مع الله إلاها ءاخر) * * (لئن أشركت ليحبطن عملك) * * (فلا تكونن من الممترين) * * (ولا تطع الكافرين والمنافقين) * * (ولا تطع منهم ءاثما أو كفورا) * إلى غير ذلك من الآيات.
ومعلوم أنه هو صلى الله عليه وسلم، لا يفعل شيئا من ذلك البتة، ولكنه يؤمر وينهي ليشرع لأمته على لسانه.
وبذلك تعلم اطراد الضابط الذي ذكرنا في لفظة لو، ولفظة إن، وأنه لا ينتقض بهذه الآية.
هذا ما ظهر لنا في هذه الآية الكريمة، ولا شك أنه لا محذور فيه ولا غرر ولا إيهام، والعلم عند الله تعالى. قوله تعالى: * (سبحان رب السماوات والا رض رب العرش عما يصفون) *. قد قدمنا معنى لفظة سبحان، وما تدل عليه من تنزيه الله عن كل ما لا يليق بكماله وجلاله وإعراب لفظة سبحان مع بعض الشواهد العربية في أول سورة بني إسرائيل.
وقوله تعالى: * (قل إن كان للرحمان ولد) *. نزه نفسه تنزيها تاما عما يصفونه به من نسبة الولد إليه مبينا أن رب السماوات والأرض، ورب العرش، جدير بالتنزيه عن الولد، وعن كل ما لا يليق بكماله وجلاله.
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»