وجزى الزمخشري بما هو أهله.
الأمر الرابع: هو دلالة استقراء القرآن العظيم أن الله تعالى إذا أراد أن يفرض المستحيل ليبين الحق بفرضه علقه أولا بالأداة التي تدل على عدم وجوده وهي لفظة لو، ولم يعلق عليه البتة إلا محالا مثله، كقوله: * (لو كان فيهمآ آلهة إلا الله لفسدتا) *، وقوله تعالى: * (لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشآء) *، وقوله تعالى: * (لو أردنآ أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنآ) *.
وأما تعليق ذلك بأداة لا تقتضي عدم وجوده كلفظة إن مع كون الجزاء غير مستحيل فليس معهودا في القرآن.
ومما يوضح هذا المعنى الذي ذكرنا، المحاورة التي ذكرها جماعة من المفسرين، التي وقعت بين النضر بن الحارث، والوليد بن المغيرة، وهي وإن كانت أسانيدها غير قائمة، فإن معناها اللغوي صحيح.
وهي أن النضر بن الحارث كان يقول:
الملائكة بنات الله فأنزل الله قوله تعالى: * (قل إن كان للرحمان ولد) *.
فقال النضر للوليد بن المغيرة: ألا ترى أنه قد صدقني؟
فقال الوليد: لا ما صدقك ولكنه يقول:
ما كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين، أي الموحدين، من أهل مكة المنزهين له عن الولد. فمحاورة هذين الكافرين، العالمين بالعربية، مطابقة لما قررنا.
لأن النضر قال: إن معنى الآية على أن إن شرطية مطابق لما يعتقده الكفار من نسبة الولد إلى الله، وهو معنى محذور وأن الوليد قال: إن (إن) نافية، وأن معنى الآية على ذلك هو مخالفة الكفار وتنزيه الله عن الولد.
وبجميع ما ذكرنا يتضح أن إن في الآية الكريمة نافية.
وذلك مروي عن ابن عباس والحسن والسدي وقتادة وابن زيد وزهير بن محمد وغيرهم.