أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ١٤١
ومن أصرحها في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم (الإيمان بضع وسبعون).
وفي بعض الروايات الثابتة في الصحيح (وستون شعبة أعلاها شهادة ألا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق).
فقد سمى صلى الله عليه وسلم (إماطة الأذى عن الطريق) إيمانا.
وقد أطال البيهقي رحمه الله في شعب الإيمان، في ذكر الأعمال التي جاء الكتاب والسنة تسميتها إيمانا.
فالإيمان الشرعي التام والإسلام الشرعي التام معناهما واحد.
وقد يطلق الإيمان إطلاقا آخر على خصوص ركنه الأكبر الذي هو الإيمان بالقلب، كما في حديث جبريل الثابت في الصحيح.
والقلب مضغة في الجسد إذا صلحت صلح الجسد كله. فغيره تابع له. وعلى هذا تحصل المغايرة في الجملة بين الإيمان والإسلام.
فالإيمان، على هذا الإطلاق، اعتقاد والإسلام شامل للعمل.
واعلم أن مغايرته تعالى بين الإيمان والإسلام في قوله تعالى: * (قالت الا عراب ءامنا قل لم تؤمنوا ولاكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الايمان فى قلوبكم) *.
قال بعض العلماء: المراد بالإيمان هنا، معناه الشرعي، والمراد بالإسلام معناه اللغوي.
لأن إذعان الجوارح وانقيادها دون إيمان القلب إسلام لغة لا شرعا.
وقال بعض العلماء: المراد بكل منهما معناه الشرعي، ولكن نفي الإيمان في قوله: ولما يدخل الإيمان، يراد به عند من قال هذا، نفي كمال الإيمان لا نفي أصله، ولكن ظاهر الآية لا يساعد على هذا، لأن قوله * (ولما يدخل) * فعل في سياق النفي وهو صيغة عموم، على التحقيق، وإن لم يؤكد بمصدر، ووجهه واضح جدا، كما قدمناه مرارا.
وهو أن الفعل الصناعي ينحل، عن مصدر وزمن عند النحويين، وعن مصدر وزمن، ونسبة عند البلاغيين، كما حرروه في مبحث الاستعارة التبعية، وهو أصوب.
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»