فقوله تعالى: في هذه الآية * (وجحدوا بها واستيقنتهآ أنفسهم ظلما وعلوا) * دليل واضح على أن فرعون كاذب في قوله: * (ما أريكم إلا ما أرى) *.
وكقوله تعالى في سورة بني إسرائيل: * (قال لقد علمت مآ أنزل هاؤلاء إلا رب السماوات والا رض بصآئر وإنى لأظنك يافرعون مثبورا) * فقول نبي الله موسى لفرعون * (لقد علمت مآ أنزل هاؤلاء إلا رب السماوات والا رض) * مؤكدا إخباره بأن فرعون عالم بذلك بالقسم، وقد دل أيضا على أنه كاذب في قوله: ما أريكم إلا ما أرى.
وكان غرض فرعون بهذا الكذب، التدليس والتمويه ليظن جهلة قومه، أن معه الحق، كما أشار تعالى إلى ذلك في قوله: * (فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين) *.
وأما الأمر الثاني وهو قوله: * (ومآ أهديكم إلا سبيل الرشاد) * فقد بين تعالى كذبه فيه في آيات من كتابه كقوله تعالى: * (فاتبعوا أمر فرعون ومآ أمر فرعون برشيد) *. وقوله تعالى: * (وأضل فرعون قومه وما هدى) *.
وقال بعض العلماء في قوله: * (مآ أريكم إلا مآ أرى) * أي ما أشير عليكم إلا بما أرى لنفسي، من قتل موسى. والعلم عند الله تعالى. قوله تعالى: * (من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها) *. هذه الآية الكريمة، وأمثالها من الآيات الدالة عن أن السيئات لا تضاعف، ولا تجزي إلا بمثلها بينها وبين الآيات الأخرى الدالة على أن السيئات ربما ضوعفت في بعض الأحوال، كقوله تعالى في نبينا صلى الله عليه وسلم * (إذا لأذقناك ضعف الحيواة وضعف الممات) * وقوله تعالى في نسائه رضي الله عنهن * (يانسآء النبى من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين) * إشكال معروف. وقد قدمنا الجواب عنه موضحا في سورة النمل، في الكلام على قوله تعالى: * (ومن جآء بالسيئة فكبت وجوههم فى النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون) *. قوله تعالى: * (ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولائك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب) *.