أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ٣٨٣
فكذبوه، وزعموا أنه ساحر.
وأوضح هذا المعنى، في آيات كثيرة كقوله تعالى عن فرعون وقومه: * (وقالوا مهما تأتنا به من ءاية لتسحرنا بها) *، وقوله تعالى عن فرعون * (إنه لكبيركم الذى علمكم السحر) *. وقوله تعالى: * (قال للملإ حوله إن هاذا لساحر عليم) * والآيات بمثل ذلك كثيرة. وقد بيناها في مواضع متعددة من هذا الكتاب المبارك. قوله تعالى: * (وقال موسى إنى عذت بربى وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن نبيه موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، عاذ بربه، أي اعتصم به، وتمنع من كل متكبر، أي متصف بالكبر، لا يؤمن بيوم الحساب، أي لا يصدق بالبعث والجزاء.
وسبب عياذ موسى بربه المذكور، أن فرعون قال لقومه: * (ذرونى أقتل موسى وليدع ربه إنى أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر فى الا رض الفساد) *.
فعياذ موسى المذكور بالله إنما هو في الحقيقة من فرعون، وإن كانت العبارة أعم من خصوص فرعون، لأن فرعون لا شك أنه متكبر، لا يؤمن بيوم الحساب فهو داخل في الكلام دخولا أوليا، وهو المقصود بالكلام.
وما ذكره جل وعلا في آية المؤمن هذه، من عياذ موسى بالله من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب كفرعون، وعتاة قومه، ذكر نحوه في سورة الدخان في قوله تعالى عن موسى مخاطبا فرعون وقومه: * (وإنى عذت بربى وربكم أن ترجمون) *.
* (وقال رجل مؤمن من ءال فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله وقد جآءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذى يعدكم إن الله لا يهدى من هو مسرف كذاب * ياقوم لكم الملك اليوم ظاهرين فى الا رض فمن ينصرنا من بأس الله إن جآءنا قال فرعون مآ أريكم إلا مآ أرى ومآ أهديكم إلا سبيل الرشاد * وقال الذىءامن ياقوم إنى أخاف عليكم مثل يوم الا حزاب * مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم وما الله يريد ظلما للعباد * وياقوم إنى أخاف عليكم يوم التناد * يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم ومن يضلل الله فما له من هاد * ولقد جآءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم فى شك مما جآءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب * الذين يجادلون فىءايات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتا عند الله وعند الذين ءامنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار * وقال فرعون ياهامان ابن لى صرحا لعلى أبلغ الا سباب * أسباب السماوات فأطلع إلى إلاه موسى وإنى لاظنه كاذبا وكذالك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل وما كيد فرعون إلا فى تباب * وقال الذىءامن ياقوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد * ياقوم إنما هاذه الحيواة الدنيا متاع وإن الا خرة هى دار القرار * من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولائك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب * وياقوم ما لى أدعوكم إلى النجواة وتدعوننى إلى النار * تدعوننى لاكفر بالله وأشرك به ما ليس لى به علم وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار * لا جرم أنما تدعوننى إليه ليس له دعوة فى الدنيا ولا فى الا خرة وأن مردنآ إلى الله وأن المسرفين هم أصحاب النار * فستذكرون مآ أقول لكم وأفوض أمرى إلى الله إن الله بصير بالعباد * فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بأال فرعون سوء العذاب * النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا ءال فرعون أشد العذاب) * قوله تعالى: * (وقال رجل مؤمن من ءال فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة، أن رجلا مؤمنا من آل فرعون يكتم إيمانه، أي يخفي عنهم أنه مؤمن، أنكر على فرعون وقومه إرادتهم قتل نبي الله موسى عليه
(٣٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 ... » »»