أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ٣٨٥
وقال البخاري رحمه الله في صحيحه في تفسير هذه الآية الكريمة: حدثنا علي بن عبد الله حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعي قال حدثني يحيى بن أبي كثير قال حدثني محمد بن إبراهيم التيمي حدثني عروة بن الزبير قال قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص أخبرني بأشد ما صنع المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بفناء الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فأخذ بمنكب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولوى ثوبه في عنقه فخنقه خنقا شديدا فأقبل أبو بكر فأخذ بمنكبه ودفع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله قد جاءكم بالبينات من ربكم). قوله تعالى: * (قال فرعون مآ أريكم إلا مآ أرى ومآ أهديكم إلا سبيل الرشاد) *. الظاهر أن أرى في هذه الآية الكريمة علمية، عرفانية، تتعدى لمفعول واحد، كما أشار له في الخلاصة بقوله: كما أشار له في الخلاصة بقوله:
* لعلم عرفان وظن تهمه * تعدية لواحد ملتزمه * وعليه فالمعنى: قال فرعون ما أعلمكم وأعرفكم، من حقيقة موسى وأنه ينبغي أن يقتل، خوف أن يبدل دينكم، ويظهر الفساد في أرضكم، إلا ما أرى أي أعلم وأعرف أنه الحق والصواب فما أخفى عنكم خلاف ما أظهره لكم، وما أهديكم بهذا إلا سبيل الرشاد، أي طريق السداد والصواب.
وهذان الأمران اللذان ذكر تعالى عن فرعون أنه قالهما في هذه الآية الكريمة، قد بين في آيات أخر أن فرعون كاذب في كل واحد منهما.
أما الأول منهما وهو قوله: * (مآ أريكم إلا مآ أرى) * فقد بين تعالى كذبه فيه في آيات من كتابه وأوضح فيها أنه يعلم ويتيقن أن الآيات التي جاءه بها موسى حق، وأنها ما أنزلها إلا الله، وأنه جحدها هو ومن استيقنها معه من قومه ليستخفوا بها عقول الجهلة منهم كقوله تعالى في سورة النمل * (وأدخل يدك فى جيبك تخرج بيضآء من غير سوء فى تسع ءايات إلى فرعون وقومه إنهم كانوا قوما فاسقين فلما جآءتهم ءاياتنا مبصرة قالوا هاذا سحر مبين وجحدوا بها واستيقنتهآ أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين) *.
(٣٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 ... » »»