أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ٣٣١
فعليكم أن تحذروا يا كفار مكة من تكذيب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الكفر بما جاء به لئلا نهلككم بسبب ذلك كما أهلكنا به القرون الكثيرة الماضية.
وقد ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة ثلاث مسائل:
الأولى: أنه أهلك كثيرا من القرون الماضية، يهدد كفار مكة بذلك.
الثانية: أنهم نادوا أي عند معاينة أوائل الهلاك.
الثالثة: أن ذلك الوقت الذي هو وقت معاينة العذاب ليس وقت نداء، أي فهو وقت لا ملجأ فيه، ولا مفر من الهلاك بعد معاينته.
وقد ذكر جل وعلا هذه المسائل الثلاث المذكورة هنا موضحة في آيات كثيرة من كتابه.
أما المسألة الأولى وهي كونه أهلك كثيرا من الأمم، فقد ذكرها في آيات كثيرة، كقوله تعالى: * (وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح) * وقوله تعالى: * (فكأين من قرية أهلكناها وهى ظالمة) *. وقوله تعالى: * (ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله) *. والآيات بمثل ذلك كثيرة.
وقد ذكر جل وعلا في آيات كثيرة أن سبب إهلاك تلك الأمم الكفر بالله وتكذيب رسله كقوله في هذه الآية الأخيرة مبينا سبب إهلاك تلك الأمم التي صرح بأنها (لا يعلمها إلا الله) * (جآءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم فى أفواههم وقالوا إنا كفرنا بمآ أرسلتم به وإنا لفى شك مما تدعوننآ إليه مريب) *.
وقد قدمنا في الكلام على هذه الآية من سورة إبراهيم، أقوال أهل العلم في قوله تعالى: * (فردوا أيديهم فى أفواههم) * وبينا دلالة القرآن على بعضها، وكقوله تعالى * (وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا) * وقوله تعالى: * (وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم وجعلناهم للناس ءاية) * إلى قوله: * (وعادا وثمودا وأصحاب الرس وقرونا بين ذالك كثيرا وكلا ضربنا له الا مثال وكلا تبرنا تتبيرا) * وقوله
(٣٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 ... » »»