أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ٢٦١
((سورة سبأ)) * (الحمد لله الذى له ما فى السماوات وما فى الا رض وله الحمد فى الا خرة وهو الحكيم الخبير * يعلم ما يلج فى الا رض وما يخرج منها وما ينزل من السمآء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور * وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربى لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة فى السماوات ولا فى الا رض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا فى كتاب مبين * ليجزى الذين ءامنوا وعملوا الصالحات أولائك لهم مغفرة ورزق كريم * والذين سعوا فىءاياتنا معاجزين أولائك لهم عذاب من رجز أليم * ويرى الذين أوتوا العلم الذى أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدى إلى صراط العزيز الحميد * وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفى خلق جديد * أفترى على الله كذبا أم به جنة بل الذين لا يؤمنون بالا خرة فى العذاب والضلال البعيد * أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السمآء والا رض إن نشأ نخسف بهم الا رض أو نسقط عليهم كسفا من السمآء إن فى ذلك لاية لكل عبد منيب * ولقد ءاتينا داوود منا فضلا ياجبال أوبى معه والطير وألنا له الحديد * أن اعمل سابغات وقدر فى السرد واعملوا صالحا إنى بما تعملون بصير) * قوله تعالى: * (وله الحمد فى الا خرة) *. قد ذكرنا ما هو بمعناه من الآيات في أول سورة (الفاتحة)، في الكلام على قوله: * (الحمد لله رب العالمين) *. * (يعلم ما يلج فى الا رض وما يخرج منها وما ينزل من السمآء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور) *. بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه * (يعلم ما يلج فى الارض) *، أي: ما يدخل فيها كالماء النازل من السماء، الذي يلج في الأرض؛ كما أوضحه بقوله تعالى: * (ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع فى الارض) *.
وقوله: * (وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه فى الارض) *، فهو جل وعلا يعلم عدد القطر النازل من السماء إلى الأرض، وكيف لا يعلمه من خلقه: * (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) *، ويعلم أيضا ما يلج في الأرض من الموتى الذين يدفنون فيها؛ كما قال جل وعلا: * (منها خلقناكم وفيها نعيدكم) *، وقال: * (ألم نجعل الارض كفاتا * أحياء وأمواتا) *، والكفات من الكفت: وهو الضم، لأنها تضمهم أحياء على ظهرها، وأمواتا في بطنها، ويعلم أيضا ما يلج في الأرض من البذر؛ كما قال تعالى: * (ولا حبة فى ظلمات الارض ولا رطب ولا يابس إلا فى كتاب مبين) *، وكذلك ما في بطنها من المعادن، وغير ذلك.
قوله: * (وما يخرج منها) *، أي: من الأرض كالنبات والحبوب، والمعادن، والكنوز، والدفائن وغير ذلك، ويعلم * (ما ينزل من السماء) * من المطر، والثلج، والبرد، والرزق وغير ذلك. * (وما يعرج) *، أي: يصعد فيها، أي: السماء، كالأعمال
(٢٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 ... » »»