والثاني: أنه إن شاء أن يسقط عليهم كسفا من السماء، فعل ذلك أيضا لقدرته عليه.
أما الأول: الذي هو أنه لو شاء أن يخسف بهم الأرض لفعل، فقد ذكره تعالى في غير هذا الموضع؛ كقوله تعالى: * (من فى السماء أن يخسف بكم الارض فإذا هى تمور أم) *، وقوله تعالى: * (أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر) *، وقوله تعالى: * (لولا أن من الله علينا لخسف بنا) *، وقوله تعالى في (الأنعام): * (أو من تحت أرجلكم) *.
وقوله هنا: * (أو نسقط عليهم كسفا من السماء) *، قد بينا في سورة (بني إسرائيل)، أنه هو المراد بقوله تعالى عن الكفار: * (أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا) *. وقرأه حمزة والكسائي: * (إن يشأ يخسف بهم الارض أو نسقط عليهم كسفا من السماء) * بالياء المثناة التحتية في الأفعال الثلاثة، أعني: يشأ، ويخسف، ويسقط؛ وعلى هذه القراءة فالفاعل ضمير يعود إلى الله تعالى، أي: إن يشأ هو، أي: الله يخسف بهم الأرض، وقرأ الباقون بالنون الدالة على العظمة في الأفعال الثلاثة، أي: إن نشأ نحن.. الخ، وقرأ حفص عن عاصم: * (كسفا) * بفتح السين، والباقون بسكونها والكسف بفتح السين القطع، والكسف بسكون السين واحدها. * (ولقد ءاتينا داوود منا فضلا) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه آتى داود منه فضلا تفضل به عليه، وبين هذا الفضل الذي تفضل به على داود في آيات أخر؛ كقوله تعالى: * (وقتل داوود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء) *، وقوله تعالى: * (وشددنا ملكه وءاتيناه الحكمة وفصل الخطاب) *، وقوله تعالى: * (ووهبنا لداوود سليمان نعم العبد إنه أواب) *، وقوله تعالى: * (فغفرنا له ذالك وإن له عندنا لزلفى وحسن مئاب) *، وقوله تعالى: * (مئاب ياداوود إنا جعلناك خليفة فى الارض) *، وقوله تعالى: * (ولقد ءاتينا * داوود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذى فضلنا على كثير من عباده المؤمنين) *، وقوله تعالى: * (ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وءاتينا * داوود زبورا) *، إلى غير ذلك من الآيات.