وقوله في هذه الآية الكريمة: * (ومنك ومن نوح) * من عطف الخاص على العام، وقد تكلمنا عليه مرارا، والعلم عند الله تعالى. * (ياأيها الذين ءامنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جآءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها) *. أمر الله جل وعلا المؤمنين في هذه الآية الكريمة أن يذكروا نعمته عليهم حين جاءتهم جنود وهم جيش الأحزاب، فأرسل جل وعلا عليهم ريحا وجنودا لم يرها المسلمون، وهذه الجنود التي لم يروها التي امتن عليهم بها هنا في سورة (الأحزاب)، بين أنه من عليهم بها أيضا في غزوة حنين، وذلك في قوله تعالى: * (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الارض بما رحبت ثم وليتم مدبرين * ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها) *، وهذه الجنود هي الملائكة، وقد بين جل وعلا ذلك في (الأنفال)، في الكلام على غزوة بدر، وذلك في قوله تعالى: * (إذ يوحى ربك إلى الملئكة أني معكم فثبتوا الذين ءامنوا سألقى في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الاعناق) *، وهذه الجنود التي لم يروها التي هي الملائكة، قد بين الله جل وعلا في (براءة)، أنه أيد بها نبيه صلى الله عليه وسلم وهو في الغار، وذلك في قوله: * (إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما فى الغار إذ يقول لصاحبه لا) *. * (ولما رأى المؤمنون الا حزاب قالوا هاذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن المؤمنين لما رأوا الأحزاب يعني جنود الكفار الذين جاءوهم من فوقهم ومن أسفل منهم، في غزوة الخندق، قالوا: * (هاذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله) *، ولم يبين هنا الآية التي وعدهم إياه فيها، ولكنه بين ذلك في سورة (البقرة)، في قوله تعالى: * (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول) *، وممن قال إن آية (البقرة) المذكورة مبينة لآية
(٢٣٤)