فيدخل النساء في الجمع المذكر السالم تغليبا، فيه قولان: صح عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: لا يقال ذلك، وهذا أصح الوجهين في مذهب الشافعي رضي الله عنه، انتهى محل الغرض من كلام ابن كثير.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الأظهر عندي في ذلك أنه لا يطلق منه إلا ما ورد النص بإطلاقه؛ لأن الإطلاق المراد به غير الظاهر المتبادر يحتاج إلى دليل صارف إليه، والعلم عند الله تعالى. * (وأولو الا رحام بعضهم أولى ببعض) *. قد قدمنا إيضاحه وكلام أهل العلم، فيما يتعلق به من الأحكام في آخر (الأنفال)، في الكلام على قوله تعالى: * (وأولوا الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) *.
* (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا * ليسأل الصادقين عن صدقهم وأعد للكافرين عذابا أليما * ياأيها الذين ءامنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جآءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا * إذ جآءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الا بصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا * هنالك ابتلى المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا * وإذ يقول المنافقون والذين فى قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا * وإذ قالت طآئفة منهم ياأهل. يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريق منهم النبى يقولون إن بيوتنا عورة وما هى بعورة إن يريدون إلا فرارا * ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لاتوها وما تلبثوا بهآ إلا يسيرا * ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الا دبار وكان عهد الله مسئولا * قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا * قل من ذا الذى يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا * قد يعلم الله المعوقين منكم والقآئلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا * أشحة عليكم فإذا جآء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذى يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولائك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذالك على الله يسيرا * يحسبون الا حزاب لم يذهبوا وإن يأت الا حزاب يودوا لو أنهم بادون فى الا عراب يسألون عن أنبآئكم ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلا * لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الا خر وذكر الله كثيرا * ولما رأى المؤمنون الا حزاب قالوا هاذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما * من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا * ليجزى الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شآء أو يتوب عليهم إن الله كان غفورا رحيما * ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا * وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف فى قلوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريقا * وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطئوها وكان الله على كل شىء قديرا * ياأيها النبى قل لا زواجك إن كنتن تردن الحيواة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا * وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الا خرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما * يانسآء النبى من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا * ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتهآ أجرها مرتين وأعتدنا لها رزقا كريما * يانسآء النبى لستن كأحد من النسآء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذى فى قلبه مرض وقلن قولا معروفا * وقرن فى بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الا ولى وأقمن الصلواة وءاتين الزكواة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا * واذكرن ما يتلى فى بيوتكن من ءايات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا * إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما * وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا * وإذ تقول للذى أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفى فى نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكى لا يكون على المؤمنين حرج فى أزواج أدعيآئهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا * ما كان على النبى من حرج فيما فرض الله له سنة الله فى الذين خلوا من قبل وكان أمر الله قدرا مقدورا * الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا * ما كان محمد أبآ أحد من رجالكم ولاكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شىء عليما) * * (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه أخذ من النبيين ميثاقهم، ثم خص منهم بذلك خمسة: هم أولوا العزم من الرسل، وهم محمد صلى الله عليه وسلم، ونوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى. ولم يبين هنا الميثاق الذي أخذه عليهم، ولكنه جل وعلا بين ذلك في غير هذا الموضع؛ فبين الميثاق المأخوذ على جميع النبيين بقوله تعالى في سورة (آل عمران): * (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما ءاتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه) *. وقد قدمنا الكلام على هذه الآية في سورة (مريم)، في الكلام على قصة الخضر، وقد بين جل وعلا الميثاق الذي أخذه على خصوص الخمسة الذين هم أولوا العزم من الرسل في سورة (الشورى)، في قوله تعالى: * (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذى أوحينا إليك وما وصينا به * إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه) *.
وبما ذكرنا تعلم أن آية (آل عمران)، وآية (الشورى)، فيهما بيان لآية (الأحزاب) هذه.