: المسألة الثانية عشرة: اعلم أن العلماء اختلفوا في العبد والذمي، هل يصح منهما ظهار؟ وأظهر أقوالهم عندي في ذلك: أن العبد يصح منه الظهار؛ لأن الصحيح دخوله في عموم النصوص العامة، إلا ما أخرجه منه دليل خاص، كما تقدم. وإليه الإشارة بقول صاحب (مراقي السعود):
* والعبد والموجود والذي كفر * مشمولة له لدى ذوي النظر * وعليه: فهو داخل في عموم قوله: * (والذين يظاهرون من نسائهم) *، ولا يقدح في هذا أن قوله: * (فتحرير رقبة) * لا يتناوله؛ لأنه مملوك لا يقدر على العتق ، لدخوله في قوله: * (فمن لم يجد فصيام شهرين) *، فالأظهر صحة ظهار العبد، وانحصار كفارته في الصوم؛ لعدم قدرته على العتق والإطعام، وأن الذمي لا يصح ظهاره، لأن الظهار منكر من القول وزور يكفره الله بالعتق، أو الصوم، أو الإطعام، والذمي كافر، والكافر لا يكفر عنه العتق أو الصوم أو الإطعام ما ارتكبه من المنكر والزور لكفره لأن الكفر سيئة لا تنفع معها حسنة، والعلم عند الله تعالى.
المسألة الثالثة عشرة: اعلم أن أهل العلم اختلفوا في الظهار المؤقت، كأن يقول: أنت علي كظهر أمي شهرا، أو حتى ينسلخ شهر رمضان مثلا، فقال بعض أهل العلم: يصح الظهار المؤقت، وإذا مضى الوقت زال الظهار وحلت المرأة بلا كفارة، ولا يكون عائدا بالوطء بعد انقضاء الوقت.
قال في (المغني): وهذا قول أحمد، وبه قال ابن عباس، وعطاء، وقتادة، والثوري، وإسحاق، وأبو ثور، وأحد قولي الشافعي، وقوله الأخير: لا يكون ظهارا، وبه قال ابن أبي ليلى، والليث؛ لأن الشرع ورد بلفظ الظهار مطلقا، وهذا لم يطلق فأشبه ما لو شبهها بمن تحرم عليه في وقت دون وقت. وقال طاوس: إذا ظاهر في وقت فعليه الكفارة، وإن بر. وقال مالك: يسقط التوقيت ويكون ظهارا مطلقا؛ لأن هذا لفظ يوجب تحريم الزوجة، فإذا وقته لم يتوقت، كالطلاق.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: أقرب الأقوال عندي للصواب في هذه المسألة، قول من قال: إن الظهار المؤقت بصح ويزول بانقضاء الوقت؛ لأنه جاء ما يدل عليه عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث حسنه الترمذي، وصححه ابن خزيمة، وابن الجارود، وبعض طرقه لا يقل عن درجة الحسن، وإن أعل عبد الحق وغيره بعض طرقه بالإرسال؛ لأن حديثا صححه بعض أهل العلم أقرب للصواب مما لم يرد فيه شئ أصلا.
قال أبو داود في (سننه): حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ومحمد بن العلاء المعنى، قالا: ثنا ابن إدريس، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن عمرو بن عطاء، قال ابن