أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٦٣
لأنه ليس بمتطيب ثم قال صاحب المغني: وإن انقطعت رائحة الثوب، لطول الزمن عليه أو لكونه صبغ بغيره فغلب عليه بحيث لا يفوح له رائحة إذا رش فيه الماء، فلا بأس باستعماله لزوال الطيب منه. وبهذا قال سعيد بن المسيب، والحسن، والنخعي، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وروي ذلك عن عطاء، وطاوس، وذكره ذلك مالك، إلا أن يغسل، ويذهب لونه: لأن عين الزعفران ونحوه فيه. ثم قال: فأما إن لم يكن له رائحة في الحال لكن كان بحيث إذا رش فيه الماء فاح ريحه: ففيه الفدية، لأنه متطيب بدليل أن رائحته تظهر عند رش الماء فيه. والماء لا رائحة له، وإنما هي من الصبغ الذي فيه. فأما إن فرش فوق الثوب ثوبا صفيقا يمنع الرائحة والمباشرة: فلا فدية عليه بالجلوس، والنوم عليه، وإن كان الحائل بينهما ثياب بدنه ففيه الفدية، لأنه يمنع من استعمال الطيب في الثوب الذي عليه كمنعه من استعماله في بدنه. ا ه من المغني.
وأما العصفر: فليس عندهم بطيب، ولا بأس باستعماله، وشمه، ولا بما صبغ به.
قال في المغني: وهذا قول جابر، وابن عمر، وعبد الله بن جعفر، وعقيل بن أبي طالب، وهو مذهب الشافعي، وعن عائشة وأسماء، وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم: (أنهن كن يحرمن في المعصفرات) وكرهه مالك: إذا كان ينتفض في بدنه، ولم يوجب فيه فدية، ومنع ذلك الثوري، وأبو حنيفة، ومحمد بن الحسن وشبهوه بالمورس، والمزعفر، لأنه صبغ طيب الرائحة فأشبه ذلك ا ه.
والأظهر: أن العصفر ليس بطيب مع أنه لا يجوز لبس المحرم، ولا غيره للمعصفر، وقد قدمنا فيه حديث ابن عمر، عند أبي داود (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب وما مسه الورس والزعفران من الثياب، وليلبسن بعد ذلك ما أحببن من ألوان الثياب من معصفر أوخز) الحديث وهو صريح في أن العصفر: ليس بطيب. وقد قدمنا الكلام على هذا الحديث.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يختضبن بالحناء، وهن محرمات، ويلبسن المعصفر وهن محرمات).
وقال في مجمع الزوائد: رواه الطبراني في الكبير، وفيه يعقوب بن عطاء، وثقه ابن حبان، وضعفه جماعة ا ه. وسيأتي ما يدل على منع لبس المعصفر مطلقا.
وقال صاحب المغني أيضا: ولا بأس بالمصبوغ بالمغرة، لأنه مصبوغ بطين لا بطيب، وكذلك المصبوغ بسائر الأصباغ، سوى ما ذكرنا، لأن الأصل الإباحة، إل
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 62 62 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»