أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٢٦٦
مبينا من أقسم أنه ينصره، لأنه ينصر الله جل وعلا: * (الذين إن مكناهم فى الا رض أقاموا الصلواة وآتوا الزكواة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر) * وما دلت عليه هذه الآية الكريمة: من أن من نصر الله نصره الله جاء موضحا في غير هذا الموضع كقوله تعالى: * (ياأيها الذين ءامنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم * والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم) * وقوله تعالى: * (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * إنهم لهم المنصورون * وإن جندنا لهم الغالبون) * وقوله تعالى: * (كتب الله لاغلبن أنا ورسلى) * وقوله: * (وعد الله الذين ءامنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الا رض) *. إلى غير ذلك من الآيات وفي قوله تعالى: * (الذين إن مكناهم فى الا رض) *. دليل على أنه لا وعد من الله بالنصر، إلا مع إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر. فالذين يمكن الله لهم في الأرض ويجعل الكلمة فيها والسلطان لهم، ومع ذلك لا يقيمون الصلاة ولا يؤتون الزكاة، ولا يأمرون بالمعروف، ولا ينهون عن المنكر فليس لهم وعد من الله بالنصر، لأنهم ليسوا من حزبه، ولا من أوليائه الذين وعدهم بالنصر، بل هم حزب الشيطان وأولياؤه، فلو طلبوا النصر من الله بناء على أنه وعدهم إياه، فمثلهم كمثل الأجير الذي يمتنع من عمل ما أجر عليه، ثم يطلب الأجرة، ومن هذا شأنه فلا عقل له، وقوله تعالى: * (إن الله لقوى عزيز) * العزيز الغالب الذي لا يغلبه شيء، كما قدمناه مرارا بشواهده العربية. وهذه الآيات تدل على صحة خلافة الخلفاء الراشدين، لأن الله نصرهم على أعدائهم، لأنهم نصروه فأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وأمروا بالمعروف، ونهوا عن المنكر، وقد مكر لهم، واستخلفهم في الأرض كما قال: * (وعد الله الذين ءامنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الا رض) *. والحق أن الآيات المذكورة تشمل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل من قام بنصرة دين الله على الوجه الأكمل. والعلم عند الله تعالى.
* (وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود * وقوم إبراهيم وقوم لوط * وأصحاب مدين وكذب موسى فأمليت للكافرين ثم أخذتهم فكيف كان نكير * فكأين من قرية أهلكناها وهى ظالمة فهى خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد) * قوله تعالى: * (وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود * وقوم إبراهيم وقوم لوط * وأصحاب مدين وكذب موسى فأمليت للكافرين ثم أخذتهم فكيف كان نكير ) *. في هذه الآيات الكريمة تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم بأن الذي عامله به قومه من التكذيب عومل به غيره من الرسل الكرام، وذلك يسليه ويخفف عليه كما قال تعالى: * (وكلا نقص
(٢٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 ... » »»