أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٢٠٧
بعد ذكره رواية: ضحى المذكورة ما نصه: والظاهر أن التصرف من الرواة، لأنه في الحديث ذكر النحر، فحمله بعضهم على الأضحية، فإن رواية أبي هريرة صريحة في أن ذلك، كان عمن اعتمر من نسائه فقويت رواية من رواه بلفظ: أهدى، وتبين أنه هدي التمتع، فليس فيه حجة على مالك في قوله: لا ضحايا على أهل منى اه محل الغرض من فتح الباري، وهو واضح فيما ذكرنا، والعلم عند الله تعالى.
الفرع الثاني: اعلم أن من ذبح أضحية، قبل أن يصلي إمام المسلمين صلاة العيد، فإن ذبيحته لا تجزئه عن الأضحية، وإنما شاته التي ذبحها شاة لحم يأكلها هو ومن شاء. وليست بشاة نسك، وهذا ثابت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم.
قال البخاري في صحيحه: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا غندر، حدثنا شعبة عن زبيد اليامي، عن الشعبي، عن البراء رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أول ما يبدأ به في يومنا هذا أن يصلي، ثم نرجع فننحر، من فعل فقد أصاب سنتنا، ومن ذبح قبل فإنما هو لحم قدمه لأهله ليس من النسك في شيء) اه محل الغرض منه. وفي لفظ للبخاري من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من ذبح قبل الصلاة، فإنما ذبح لنفسه، ومن ذبح بعد الصلاة. فقد تم نسكه وأصاب سنة المسلمين) اه. وفي لفظ للبخاري، عن أنس بن مالك أيضا قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر: (من كان ذبح قبل الصلاة فليعد) الحديث. وفي لفظ للبخاري من حديث البراء، عنه صلى الله عليه وسلم قال: (من ذبح قبل الصلاة فإنما يذبح لنفسه، ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه وأصاب سنة المسلمين) اه.
وقد قدمنا في حديث جندب بن سفيان البجلي أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها أخرى) الحديث إلى غير هذا من الروايات بمعناه في صحيح البخاري، وكون الأضحية المذبوحة قبل الصلاة: لا تجزىء صاحبها الذي ذكرنا في صحيح البخاري، أخرجه مسلم أيضا من حديث جندب بن سفيان البجلي، والبراء بن عازب، وأنس بن مالك رضي الله عنهم، فهذه الأحاديث المتفق عليها عن جندب والبراء وأنس: نصوص صريحة في أن من ذبح أضحيته قبل صلاة الإمام صلاة العيد: أنها لا تجزئه، وإن كان الإمام الأعظم، هو إمام الصلاة فلا إشكال، وإن كان إمام الصلاة غيره، فالظاهر: أن المعتبر إمام الصلاة، لأن ظاهر الأحاديث: أنها يشترط لصحتها، أن تكون بعد الصلاة، وظاهرها العموم سواء كان إمام الصلاة الإمام الأعظم أو غيره، والعلم عند الله تعالى.
(٢٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»