ومنها: أن الصوم الذي هو بدل الهدي عند العجز عنه، يجوز تقديم يعضه على يوم النحر، وهو الأيام الثلاثة المذكورة في قوله * (فصيام ثلاثة أيام في الحج) * وتقديم البدل، يدل على تقديم المبدل منه.
ومنها: أنه دم جبران، فجاز بعد وجوبه قبل يوم النحر كدم فدية الطيب واللباس.
ومنها: ظواهر بعض الأحاديث التي قد يفهم منها الذبح قبل يوم النحر، فمن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه في باب الاشتراك في الهدي.
وحدثني محمد بن حاتم حدثنا محمد بن بكر، أخبرنا ابن جريج، أخبرنا: أبو الزبير: أنه سمع جابر بن عبد الله يحدث عن حجة النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فأمرنا إذا أحللنا أن نهدي، ويجتمع النفر منا في الهدية) وذلك حين أمرهم أن يحلوا من حجهم في هذا الحديث. انتهى بلفظه من صحيح مسلم. وقال النووي في شرحه لهذا الحديث: وفيه دليل لجواز ذبح هدي التمتع، بعد التحلل من العمرة، وقبل الإحرام بالحج. وفي المسألة خلاف، وتفصيل إلى آخر كلام النووي.
ومن ذلك أيضا ما رواه الحاكم في المستدرك: أخبرنا أبو الحسن علي بن عيسى بن إبراهيم، ثنا أحمد بن النضر بن عبد الوهاب، ثنا يحيى بن أيوب، ثنا وهب بن جرير، ثنا أبي عن محمد بن إسحاق، ثنا ابن أبي نجيح، عن مجاهد، وعطاء، عن جابر بن عبد الله، قال: كثرت القالة من الناس، فخرجنا حجاما، حتى لم يكن بيننا وبين أن نحل إلا ليال قلائل، أمرنا بالإحلال الحديث. وفيه: قال عطاء قال ابن عباس رضي الله عنهما (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم يومئذ في أصحابه غنما فأصاب سعد بن أبي وقاص تيس فذبحه عن نفسه، فلما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة أمر ربيعة بن أمية بن خلف فقام تحت يدي ناقته فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اصرخ أيها الناس، هل تدرون أي شهر هذا) إلى آخر الحديث، ثم قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، وفيه ألفاظ من ألفاظ حديث جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه، عن جابر أيضا، وفيه أيضا زيادة ألفاظ كثيرة ا ه. وأقره الحافظ الذهبي على تصحيح الحديث المذكور، وقوله في هذا الحديث (فأصاب سعد بن أبي وقاص تيس فذبحه عن نفسه فلما وقف بعرفة) إلخ. قد يتوهم منه، أن ذبح سعد لتيسه كان قبل الوقوف بعرفة.