أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ١٣٧
قلت: يظهر في جواز تقليده، وإشعاره بعد الإحرام بالحج، وذلك أنه لو لم يجب الهدي حينئذ مع كونه يتعين بالتقليد، لكان تقليده إذ ذاك قبل وجوبه، فلا يجزئ إلا إذا قلد بعد كمال الأركان.
وقال الشيخ الحطاب أيضا: والحاصل: أن دم التمتع والقران، يجوز تقليدهما قبل وجوبهما على قول ابن القاسم، ورواية عن مالك، وهو الذي مشى عليه المصنف. فإذا علم ذلك فلم يبق للحكم بوجوب دم التمتع بإحرام الحج فائدة تعم على القول، بأنه لا يجزئه ما قلده قبل الإحرام بالحج تظهر ثمرة الوجوب في ذلك، ويكون المعنى: أنه يجب بإحرام الحج، وجوبا غير متحتم، لأنه معرض للسقوط بالموت، والفوات، فإذا رمى جمرة العقبة تحتم الوجوب، فلا يسقط بالموت. كما نقول في كفارة الظهار، أنها تجب بالعود وجوبا، غير متحتم بمعنى أنها تسقط بموت الزوجة وطلاقها فإن وطئ تحتم الوجوب ولزمت الكفارة، ولو ماتت الزوجة، أو طلقها إلى أن قال: بل تقدم في كلام ابن عبد السلام في شرح المسألة الأولى: أن هدي التمتع إنما ينحر بمنى، إن وقف به بعرفة، أو بمكة بعد ذلك إلى آخره، وهو يدل: على أنه لا يجزئ نحره قبل ذلك. والله أعلم ونصوص أهل المذهب شاهدة لذلك.
قال القاضي عبد الوهاب في المعونة: ولا يجوز نحر هدي التمتع والقران، قبل يوم النحر، خلافا للشافعي لقوله تعالى * (ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدى محله) * وقد ثبت أن الحلق، لا يجوز قبل يوم النحر، فدل على أن الهدي، لم يبلغ محله إلا يوم النحر، وله نحو ذلك في شرح الرسالة. وقال في التلقين: الواجب لكل واحد من التمتع والقران هدي ينحره بمنى، ولا يجوز تقديمه قبل فجر يوم النحر، وله مثله في مختصر عيون المجالس، ثم قال الحطاب رحمه الله: فلا يجوز الهدي عند مالك، حتى يحل، وهو قول أبي حنيفة وجوزه الشافعي: من حين يحرم بالحج. واختلف قوله فيما بعد التحلل من العمرة قبل الإحرام بالحج.
ودليلنا أن الهدي متعلق بالتحلل، وهو المفهوم من قوله تعالى * (ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدى محله) * ا ه منه. وكلام علماء المالكية بنحو هذا كثير معروف.
والحاصل: أنه لا يجوز ذبح دم التمتع، والقران عند مالك، وعامة أصحابه قبل يوم النحر وفيه قول ضعيف، بجوازه بعد الوقوف بعرفة، وهو لا يعول عليه، وأن قولهم: أنه
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»