أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ١٣١
وأظهر قولي أهل العلم عندنا: أن المكي إذا أراد الإحرام بالقران، أحرم به من مكة، لأنه يخرج في حجه إلى عرفة، فيجمع بين الحل والحرم، خلافا لمن قال: يلزم المكي القارن إنشاء إحرامه من أدنى الحل وكذلك الآفاقي، إذا كان في مكة، وأراد أن يحرم قارنا، فالأظهر أنه يحرم بالقران من مكة خلافا لمن قال: يحرم به من أدنى الحل لما بينا. والعلم عند الله تعالى.
وإذا عرفت الشروط التي بها يجب دم التمتع والقران، فاعلم أنا أردنا هنا أن نبين ما يجزئ فيه ووقت ذبحه، أما ما يجزئ فيه، فالتحقيق أنه ما تيسر من الهدي، وأقله شاة تجزىء ضحية، وأعلاه: بدنة وأوسطه: بقرة، والتحقيق: أن سبع بدنة أو بقرة يكفي، فلو اشترك سبعة من المتمتعين في بدنة أو بقرة وذبحوها أجزأت عنهم، للنصوص الصحيحة الدالة على ذلك، كحديث جابر الثابت في الصحيح قال (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منا في بدنة) وفي لفظ لمسلم (قال اشتركنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الحج والعمرة كل سبعة منا في بدنة) فقال رجل لجابر: أيشترك في البقرة ما يشترك في الجزور؟ فقال: ما هي إلا من البدن.
قال مسلم في صحيحه: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا مالك ح وحدثنا يحيى بن يحيى. واللفظ له قال: قرأت على مالك عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال (نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة) وفي لفظ لمسلم عن جابر قال (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منا في بدنة) وفي لفظ له عنه أيضا قال (حجحنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنحرنا البعير عن سبعة والبقرة عن سبعة) وفي لفظ له عنه أيضا قال (اشتركنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الحج والعمرة كل سبعة في بدنة) فقال رجل لجابر: أيشترك في البدنة ما يشترك في الجزور؟ قال: ما هي إلا من البدن، وحضر جابر الحديبية قال (نحرنا يومئذ سبعين بدنة اشتركنا كل سبعة في بدنة) وفي لفظ له عنه، وهو يحدث عن حجة النبي صلى الله عليه وسلم قال (فأمرنا إذا أحللنا أن نهدي ويجتمع النفر منا في الهدية) وذلك حين أمرهم أن يحلوا من حجهم في هذا الحديث، وفي لفظ له عنه أيضا قال (كنا نتمتع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنذبح البقرة، عن سبعة نشترك فيها) ا ه. محل الغرض من صحيح مسلم.
وهذه الروايات الصحيحة تدل: على أن دم التمتع يكفي فيه الاشتراك بالسبع في بدنة، أو بقرة، ويدل على أن ذلك داخل فيما استيسر من الهدي. أما الشاة والبدنة كاملة
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»