أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ٤٨٩
الصحيح، دل على أن من مر ميقات لغيره كان ميقاتا له، فيكون ميقات أهل مكة في عمرتهم هو ميقات عائشة في عمرتها. لأنها صارت معهم عند ميقاتهم.
الدليل الثاني: هو الاستقراء وقد تقرر في الأصول: أن الاستقراء من الأدلة الشرعية، ونوع الاستقراء المعروف عندهم بالاستقراء التام حجة بلا خلاف، وهو عند أكثرهم دليل قطعي، وأما الاستقراء الذي ليس بتام وهو المعروف عندهم بإلحاق الفرد بالأغلب فهو حجة ظنية عند جمهورهم. والاستقراء التام المذكور هو: أن تتبع الأفراد، فيؤخذ الحكم في كل صورة منها، ما عدا الصورة التي فيها النزاع، فيعلم أن الصورة المتنازع فيها حكمها حكم الصور الأخرى التي ليست محل نزاع.
وإذا علمت هذا فاعلم أن الاستقراء التام أعني تتبع أفراد النسك، دل على أن كل نسك من حج أو قران أو عمرة، غير صورة النزاع لا بد فيه من الجمع بين الحل والحرم، حتى يكون صاحب النسك زائرا قدما على البيت من خارج كما قال تعالى * (يأتوك رجالا وعلى كل ضامر) *. فالمحرم بالحج أو القران من مكة لا بد أن يخرج إلى عرفات: وهي في الحل، والآفاقيون يأتون من الحل لحجهم وعمرتهم، فجميع صور النسك غير صورة النزاع، لا بد فيها من الجمع بين الحل والحرم، فيعلم بالاستقراء التام أن صورة النزاع لا بد فيها من الجمع أيضا بين الحل والحرم، وإلى مسألة الاستقراء المذكورة أشار في مراقي السعود بقوله: يأتوك رجالا وعلى كل ضامر) *. فالمحرم بالحج أو القران من مكة لا بد أن يخرج إلى عرفات: وهي في الحل، والآفاقيون يأتون من الحل لحجهم وعمرتهم، فجميع صور النسك غير صورة النزاع، لا بد فيها من الجمع بين الحل والحرم، فيعلم بالاستقراء التام أن صورة النزاع لا بد فيها من الجمع أيضا بين الحل والحرم، وإلى مسألة الاستقراء المذكورة أشار في مراقي السعود بقوله:
* ومنه الاستقراء بالجزئي * على ثبوت الحكم للكلبي * * فإن يعم غير ذي الشقاق * فهو حجة بالاتفاق الخ * وقوله: فإن يعم البيت: يعني أن الاستقراء إذا عم الصور كلها غير صورة النزاع فهو حجة في صورة النزاع بلا خلاف، والشقاق الخلاف. فقوله: غير ذي الشقاق: أي غير محل النزاع.
واعلم أن جماعة من أهل العلم يقولون: إن أهل مكة ليس لهم التمتع، ولا القران، فالعمرة في التمتع والقران ليست لهم، وإنما لهم أن يحجوا بلا خلاف والعمرة منهم في غير تمتع، ولا قران جائزة عند جل من لا يرون عمرة التمتع والقران لأهل مكة، وممن قال لا تمتع ولا قران لأهل مكة: أبو حنيفة وأصحابه، ونقله بعض الحنفية عن ابن عمر وابن عباس، وابن الزبير، وهو رأي البخاري رحمه الله كما ذكره في صحيحه، ومنشأ الخلاف في أهل مكة هل لهم تمتع أو قران أو لا؟ هو اختلاف العلماء
(٤٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 484 485 486 487 488 489 490 491 492 493 494 ... » »»