أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٤ - الصفحة ٤٥٢
وقال ابن القيم في زاد المعاد في حديث ابن عباس المذكور: حديث صحيح صححه الترمذي وغيره.
وأما حجة من قال: بجواز رمي جمرة العقبة للضعفة بعد الصبح قبل طلوع الشمس دون غيرهم، وأن غيرهم لا يجوز له رميها إلا بعد طلوع الشمس، فمنها حديث أسماء المتفق عليه الذي قدمناه.
قال فيه: قالت: يا بني: هل غاب القمر؟ قلت: نعم، قالت: فارتحلوا، فارتحلنا، ومضينا، حتى رمت الجمرة، ثم رجعت، فصلت الصبح في منزلها فقلت لها: يا هنتاه: ما أرانا إلا قد غلسنا قالت: يا بني: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن للظعن) اه. فهذا الحديث المتفق عليه صريح أن أسماء رمت الجمرة قبل طلوع الشمس، بل بغلس، وهو بقية الظلام، ومنه قول الأخطل. أذن للظعن) اه. فهذا الحديث المتفق عليه صريح أن أسماء رمت الجمرة قبل طلوع الشمس، بل بغلس، وهو بقية الظلام، ومنه قول الأخطل.
* كذبتك عينك أم رأيت بواسط * غلس الظلام من الرباب خيالا * وصرحت بأنه صلى الله عليه وسلم: أذن في ذلك للظعن، ومفهومه أنه لم يأذن للأقوياء الذكور كما ترى.
ومنها حديث ابن عمر المتفق عليه الذي قدمناه أيضا، فإن فيه: أنه كان يقدم ضعفة أهله، وأن منهم من يقدم منى لصلاة الفجر، ومنهم من يقدم بعد ذلك فإذا قدموا رموا الجمرة، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: أرخص في أولئك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحديث ابن عمر هذا المتفق عليه، يدل دلالة واضحة، على الترخيص للضعفة في رمي جمرة العقبة بعد الصبح، قبل طلوع الشمس كما ترى، ومفهومه أنه لم يرخص لغيرهم في ذلك. قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: إن الذي يقتضي الدليل رجحانه في هذه المسألة: أن الذكور الأقوياء لا يجوز لهم رمي جمرة العقبة، إلا بعد طلوع الشمس، وأن الضعفة والنساء لا ينبغي التوقف في جواز رميهم بعد الصبح، قبل طلوع الشمس، لحديث أسماء، وابن عمر المتفق عليهما الصريحين في الترخيص لهم في ذلك، وأما رميهم أعني الضعفة والنساء، قبل طلوع الفجر، فهو محل نظر، فحديث عائشة عند أبي داود يقتضي جوازه، وحديث ابن عباس عند أصحاب السنن: يقتضي منعه.
والقاعدة المقررة في الأصول: هي أن يجمع بين النصين إن أمكن الجمع وإلا فالترجيح بينهما، وقد جمعت بينهما جماعة من أهل العلم، فجعلوا لرمي جمرة العقبة
(٤٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 447 448 449 450 451 452 453 454 455 456 457 ... » »»