فاسعوا) انتهى. تفرد به مهران بن أبي عمر، قال البخاري: في حديثه اضطراب. وأما حديث صفية بنت شيبة فرواه الطبراني في معجمه، حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا علي بن الحكم الأودي، ثنا حميد بن عبد الرحمان عن المثنى بن الصباح، عن المغيرة بن حكيم، عن صفية بنت شيبة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي) انتهى.
وذكر الدارقطني في علله: في هذا الحديث اضطرابا كثيرا. ثم قال: والصحيح قول من قال عن عمر بن محيصن، عن عطاء، عن صفية، عن حبيبة بنت أبي تجراة وهو الصواب انتهى.
وقال الحازمي في كتابه: الناسخ والمنسوخ: الوجه السادس والعشرون من وجوه الترجيحات: هو أن يكون أحد الحديثين من قول النبي صلى الله عليه وسلم، وهو مقارن فعله، والآخر مجرد قوله لا غير، فيكون الأول أولى بالترجيح نحو ما روته حبيبة بنت أبي تجراة، قالت: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في بطن المسيل يسعى: وهو يقول (اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي) فهو أولى من حديث (الحج عرفة) لأنه مجرد قول. والأول قول وفعل، وفيه أيضا إخباره عن الله أنه أوجبه علينا، فكان أولى. انتهى كلامه.
ورواه الواقدي في كتاب المغازي: حدثنا علي بن محمد بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، عن منصور بن عبد الرحمان، عن أمه عن برة بنت أبي تجراة قالت: لما انتهى النبي صلى الله عليه وسلم إلى السعي قال (أيها الناس إن الله كتب عليكم السعي فاسعوا) قالت: فسعى حتى رأيت إزاره انكشف عن فخذه. انتهى كله من نصب الراية للزيلعي.
وقد رأيته عزا لصاحب التنقيح: أن حديث صفية بنت شيبة، عن نسوة من بني عبد الدار أدركن النبي صلى الله عليه وسلم أنهن رأينه، يطوف بين الصفا والمروة وهو يقول (إن الله كتب عليكم السعي فاسعوا) أن إسناده صحيح، وهو نص في محل النزاع. والظاهر أن الإسناد المذكور صحيح كما قال. لأن معروف بن مشكان المذكور صدوق، ومنصور بن عبد الرحمان بن طلحة بن الحارث العبدري الحجبي ثقة، وهو ابن صفية بنت شيبة المذكورة.
وقال النووي في شرح المهذب: واحتج أصحابنا بحديث صفية بنت شيبة، عن نسوة من بني عبد الدار أنهن سمعن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد استقبل الناس في المسعى، وقال (يا أيها الناس اسعوا فإن السعي قد كتب عليكم) رواه الدارقطني والبيهقي بإسناد حسن. انتهى منه.
وهو نص صالح للاحتجاج في أن السعي مما كتب على الناس، ولفظة: كتب: تدل على اللزوم.
فإن قيل: حديث حبيبة المذكور في إسناده عبد الله بن المؤمل، وهو وإن كان وثقه ابن حبان وقال: يخطئ، فقد ضعفه غيره، وحديث صفية في إسناده موسى بن عبيدة، وهو ضعيف، وحديث: تملك المذكور فيه المثنى بن الصباح، وهو وإن وثقه ابن معين في رواية، فقد ضعفه جماعة. وحديث ابن عباس المذكور فيه المفضل بن صدقة، وهو متروك.
فالجواب: أن رواية صفية بنت شيبة عن نسوة من بني عبد الدار عند الدارقطني والبيهقي، ليس في إسنادها شيء مما ذكر، وقد صحح إسنادها ابن الهمام في التنقيح، كما ذكره الزيلعي وحسنها النووي في شرح المهذب، والبيهقي روى حديثها المذكور من طريق الدارقطني، قال في سننه الكبرى: أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي، وأبو بكر بن الحارث الفقيه قالا: ثنا علي بن عمر الحافظ، ثنا يحيى بن صاعد، ثنا الحسن بن عيسى النيسابوري، ثنا ابن المبارك، أخبرني معروف ابن مشكان، أخبرني منصور بن عبد الرحمن، عن أمه صفية، أخبرتني عن نسوة من بني عبد الدار اللاتي أدركن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلن: دخلنا دار ابن أبي حسين، فأطلعنا من باب مقطع، ورأينا