أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٣ - الصفحة ٨٦
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (وقضى ربك) * معناه: أمر وألزم، وأوجب ووصى ألا تعبدوا إلا إياه.
وقال الزمخشري: * (وقضى ربك) * أي أمر أمرا مقطوعا به. واختار أبو حيان في (البحر المحيط) أن إعراب قوله * (إحسانا) * أنه مصدر نائب عن فعله. فهو بمعنى الأمر، وعطف الأمر المعنوي أو الصريح على النهي معروف. كقوله: إحسانا) * أنه مصدر نائب عن فعله. فهو بمعنى الأمر، وعطف الأمر المعنوي أو الصريح على النهي معروف. كقوله:
* وقوفا بها صحبي على مطيهم * يقولون لا تهلك أسى وتجمل * وقال الزمخشري في الكشاف: * (وبالوالدين إحسانا) * أي وأحسنوا بالوالدين إحسانا. أو بأن تحسنوا بالوالدين إحسانا. * (وإما تعرضن عنهم ابتغآء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا * ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا * إن ربك يبسط الرزق لمن يشآء ويقدر إنه كان بعباده خبيرا بصيرا * ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا * ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وسآء سبيلا * ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف فى القتل إنه كان منصورا * ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتى هى أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا * وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذالك خير وأحسن تأويلا * ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولائك كان عنه مسؤولا * ولا تمش فى الا رض مرحا إنك لن تخرق الا رض ولن تبلغ الجبال طولا * كل ذالك كان سيئه عند ربك مكروها * ذالك ممآ أوحى إليك ربك من الحكمة ولا تجعل مع الله إلاها ءاخر فتلقى فى جهنم ملوما مدحورا * أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا إنكم لتقولون قولا عظيما * ولقد صرفنا فى هاذا القرءان ليذكروا وما يزيدهم إلا نفورا * قل لو كان معه ءالهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذى العرش سبيلا * سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا * تسبح له السماوات السبع والا رض ومن فيهن وإن من شىء إلا يسبح بحمده ولاكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا * وإذا قرأت القرءان جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالا خرة حجابا مستورا) * قوله تعالى: * (وإما تعرضن عنهم ابتغآء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا) *. الضمير في قوله * (عنهم) * راجع إلى المذكورين قبله في قوله: * (وءات ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل) *. ومعنى الآية: إن تعرض عن هؤلاء المذكورين فلم تعطهم شيئا لأنه ليس عندك. وإعراضك المذكور عنهم * (ابتغآء رحمة من ربك ترجوها) * أي رزق حلال. كالفيء يرزقكه الله فتعطيهم منه * (فقل لهم قولا ميسورا) * أي لينا لطيفا طيبا. كالدعاء لهم بالغنى وسعة الرزق، ووعدهم بأن الله إذا يسر من فضله رزقا أنك تعطيهم منه.
وهذا تعليم عظيم من الله لنبيه لمكارم الأخلاق، وأنه إن لم يقدر على الإعطاء الجميل فليتجمل في عدم الإعطاء. لأن الرد الجميل خير من الإعطاء القبيح.
وهذا الذي دلت عليه هذه الآية الكريمة، صرح به الله جل وعلا في سورة (البقرة) في قوله: * (قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعهآ أذى) *، ولقد أجاد من قال: قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعهآ أذى) *، ولقد أجاد من قال:
* إلا تكن ورق يوما أجود بها * للسائلين فإني لين العود * * لا يعدم السائلون الخير من خلقي * إما نوالى وإما حسن مردودي * والآية الكريمة تشير إلى أنه صلى الله عليه وسلم لا يعرض عن الإعطاء إلا عند عدم ما يعطى منه، وأن الرزق المنتظر إذا يسره الله فإنه يعطيهم منه، ولا يعرض عنهم. وهذا هو غاية الجود وكرم الأخلاق. وقال القرطبي: قولا * (ميسورا) * مفعول بمعنى الفاعل من لفظ اليسر
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»