أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٣ - الصفحة ٧٨
لبيد: قال ابن مسعود: كنا نقول في الجاهلية للحي إذا كثروا: أمر أمر بني فلان: قال لبيد:
* كل بني حرة مصيرهم * قل وإن أكثرت من العدد * * إن يغبطوا يهبطوا وإن أمروا * يوما يصيروا للهلك والنكد * قلت: وفي حديث هرقل الحديث الصحيح. لقد أمر أمر ابن أبي كبشة، إنه ليخافه ملك بني الأصفر. أي كثر. وكلها غير متعد، ولذلك أنكره الكسائي. والله أعلم.
قال المهدوي: ومن قرأ أمر فهي لغة. ووجه تعدية أمر أنه شبهه بعمر من حيث كانت الكثرة أقرب شيء إلى العمارة. فعدى كما عدى عمر إلى أن قال: وقيل أمرناهم جعلناهم أمراء. لأن العرب تقول: أمير غير مأمور، أي غير مؤمر. وقيل معناه: بعثنا مستكبريها. قال هارون: وهي قراءة أبي: بعثنا أكابر مجرميها ففسقوا فيها ذكره الماوردي.
وحكى النحاس: وقال هارون في قراءة أبي: وإذا أردنا أن نهلك قرية بعثنا فيها أكابر مجرميها فمكروا فيها فحق عليها القول اه محل الغرض من كلام القرطبي.
وقد علمت أن التحقيق الذي دل عليه القرآن أن معنى الآية: أمرنا مترفيها بالطاعة فعصوا أمرنا. فوجب عليهم الوعيد فأهلكناهم كما تقدم إيضاحه.
تنبيه في هذه الآية الكريمة سؤال معروف، وهو أن يقال: إن الله أسند الفسق فيها لخصوص المترفين دون غيرهم في قوله * (أمرنا مترفيها ففسقوا فيها) * مع أنه ذكر عموم الهلاك للجميع المترفين وغيرهم في قوله * (فحق عليها القول فدمرناها تدميرا) * يعني القرية، ولم يستثن منها غير المترفين؟
والجواب من وجهين:
الأول أن غير المترفين تبع لهم. وإنما خص بالذكر المترفين الذين هم سادتهم وكبراؤهم. لأن غيرهم تبع لهم. كما قال تعالى: * (وقالوا ربنآ إنآ أطعنا سادتنا وكبرآءنا فأضلونا السبيلا) *، وكقوله * (إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الا سباب) *، وقوله: * (حتى إذا اداركوا فيها جميعا قالت أخراهم لا ولاهم ربنا هاؤلاء أضلونا) *، وقوله تعالى:
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»