أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٣ - الصفحة ٣٧٥
المسألة: فمذهب الشافعي فيها هو كراهة علو الإمام على المأموم. وكذلك عكسه إلا إذا كان ذلك لغرض صحيح محتاج إليه، كارتفاع الإمام ليعلم الجاهلين الصلاة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته على المنبر، وبين أنه فعل ذلك لقصد التعليم، وكارتفاع المأموم ليبلغ غير من المأمومين تكبيرات الإمام فإن كان ارتفاع أحدهما لنحو هذا الغرض استحب له الارتفاع لتحصيل الغرض المذكور.
قال النووي في (شرح المهذب): هذا مذهبنا، وهو رواية عن أبي حنيفة، وعنه رواية. أنه يكره الارتفاع مطلقا، وبه قال مالك والأوزاعي. وحكي الشيخ أبو حامد عن الأوزاعي: أنه قال تبطل به الصلاة. وأما مذهب مالك في المسألة ففيه تفصيل بين علو الإمام على المأموم وعكسه. فعلو المأموم جائز عنده. وقد رجع إلى كراهته. وبقي بعض أصحابه على قوله بجوازه. وعلو الإمام لا يعجبه. وفي المدونة قال مالك: لا بأس في غير الجمعة أن يصلي الرجل بصلاة الإمام على ظهر المسجد والإمام في داخل المسجد. ثم كرهه. وأخذ ابن القاسم بقوله الأول. انتهى بواسطة نقل الموق في الكلام على قول خليل بن إسحاق في مختصره عاطفا على ما يجوز. وعلو مأموم ولو بسطح. وفي المدونة أيضا قال مالك: إذا صلى الإمام بقوم على ظهر المسجد والناس خلفه أسفل من ذلك فلا يعجبني. انتهى بواسطة نقل المواق أيضا. وقوله (يعجبني) ظاهر في الكراهة. وحمله بعضهم على المنع. وفي وجوب إعادة الصلاة قولان. ومحل الخلاف ما لم يقصد المرتفع بارتفاعه التكبر على الناس، فإن قصد ذلك بطلت صلاته عندهم إماما كان أو مأموما. وهذه المسألة ذكرها خليل بن إسحاق في مختصره في قوله: وعلو مأموم ولو بسطح لا عكسه، وبطلب بقصد إمام ومأموم به الكبر إلا بكثير ا ه. وقوله (إلا بكشبر) يعني إلا أن يكون الارتفاع بكشبر، ونحو المنبر عظم الذراع عندهم. ومحل جواز الارتفاع اليسير المذكور ما لم يقصد به الكبر. فقوله (إلا بكشبر) مستثنى من قوله (لا عكسه) لا من مسألة قصده الكبر فالصلاة فيها باطلة عندهم مطلقا: قال المواق في شرحه لكلام خليل المذكور من المدونة: كره مالك وغيره أن يصلي الإمام على شيء أرفع مما يصلي عليه من خلفه، مثل الدكان يكون في المحراب ونحوه. قال ابن القاسم: فإن فعل أعادوا أبدا، لأنهم يعبشون إلا أن يكون ذلك دكانا يسير الارتفاع مثل ما كان عندنا بمصر فتجزئهم الصلاة. قال أبو محمد: مثل الشبر وعظم الذراع إلى أن قال: وانظر إذا صلى المقتدي كذلك أعني على موضع مرتفع قصدا
(٣٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 370 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 ... » »»