أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٦٦
وقال رسول الله: (إنما أنا قاسم، وخازن، والله يعطي) ثم ساق البخاري أحاديث الباب، في كونه صلى الله عليه وسلم قاسما بأمر الله تعالى.
قال مقيده عفا الله عنه: وهذا القول قوي، وستأتي له أدلة إن شاء الله في المسألة التي بعد هذا، ولكن أقرب الأقوال للسلامة هو العمل بظاهر الآية، كما قال الشافعي، وأحمد رحمهما الله لأن الله أمرنا أن نعلم أن خمس ما غنمنا. لهذه المصارف المذكورة، ثم أتبع ذلك بقوله: * (فأن لله خمسه وللرسول) *، وهو واضح جدا، كما ترى.
وأما قول بعض أهل البيت. كعبد الله بن محمد بن علي، وعلي بن الحسين رضي الله عنهم: بأن الخمس كله لهم دون غيرهم، وأن المراد باليتامى، والمساكين: يتاماهم، ومساكينهم، وقول من زعم أنه بعد النبي صلى الله عليه وسلم، يكون لقرابة الخليفة الذي يوليه المسلمون، فلا يخفي ضعفهما، والله تعالى أعلم.
المسألة الثالثة: أجمع العلماء على أن الذهب، والفضة، وسائر الأمتعة. كل ذلك داخل في حكم الآية: يخمس، ويقسم الباقي على الغانمين، كما ذكرنا.
المسألة الرابعة: أما أرضهم المأخوذة عنوة. فقد اختلف العلماء فيها، فقال بعض العلماء: يخير الإمام بين قسمتها، كما يفعل بالذهب، والفضة. ولا خراج عليها. بل هي أرض عشر مملوكة، للغانمين، وبين وقفها للمسلمين بصيغة.
وقيل بغير صيغة، ويدخل في ذلك تركها للمسلمين بخراج مستمر يؤخذ ممن تقر بيده، وهذا التخيير: هو مذهب الإمام أحمد.
وعلى هذا القول: إذا قسمها الإمام، فقيل: تخمس، وهو أظهر، وقيل: لا، واختاره بعض أجلاء العلماء قائلا: إن أرض خيبر لم يخمس ما قسم منها.
والظاهر أن أرض خيبر خمست، كما جزم به غير واحد، ورواه أبو داود بإسناد صحيح عن الزهري.
وهذا التخيير بين القسم، وإبقائها للمسلمين، الذي ذكرنا أنه مذهب الإمام أحمد: هو أيضا مذهب الإمام أبي حنيفة، والثوري.
وأما مالك رحمه الله فذهب إلى أنها تصير وقفا للمسلمين، بمجرد الاستيلاء عليها.
وأما الشافعي رحمه الله فذهب إلى أنها غنيمة يجب قسمها على المجاهدين، بعد
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»