أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٣٨٥
قدير) *، وقوله: * (وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا رآد لفضله يصيب به من يشآء من عباده) *، وقوله: * (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده) *، وقوله: * (قل لن يصيبنآ إلا ما كتب الله لنا هو مولانا) *، وقوله: * (قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادنى الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادنى برحمة هل هن ممسكات رحمته) *، إلى غير ذلك من الآيات.
وقد ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد). وفي حديث ابن عباس المشهور: (واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف). قوله تعالى: * (ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون) *. بين تعالى في هذه الآية الكريمة: أن بني آدم إذا مسهم الضر دعوا الله وحده مخلصين له الدين. فإذا كشف عنهم الضر، وأزال عنهم الشدة: إذا فريق منهم وهم الكفار يرجعون في أسرع وقت إلى ما كانوا عليه من الكفر والمعاصي. وقد كرر جل وعلا هذا المعنى في القرآن. كقوله في (يونس): * (حتى إذا كنتم فى الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جآءتها ريح عاصف وجآءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين) * إلى قوله * (إذا هم يبغون فى الا رض بغير الحق) *، وقوله (في الإسراء) * (وإذا مسكم الضر فى البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا) *، وقوله في آخر (العنكبوت): * (فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون) *، وقوله في (الأنعام): * (قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون) *، إلى غير ذلك من الآيات.
وقد قدمنا هذا في (سورة الأنعام) في الكلام على قوله تعالى: * (قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله) *. قوله تعالى: * (فتمتعوا فسوف تعلمون) *. صيغة الأمر في قوله * (فتمتعوا) * للتهديد. وقد تقرر في (فن المعاني، في مبحث الإنشاء)، وفي (فن الأصول، في مبحث الأمر): أن من المعاني التي تأتي لها صيغة إفعل التهديد. كقوله هنا: * (فتمتعوا
(٣٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 ... » »»