أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٢٣٧
مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) *. وقوله: * (ومآ أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير) *.
وقد بين في هذه الآية أيضا: أنه إذا أراد قوما بسوء فلا مرد له، وبين ذلك أيضا في مواضع أخر كقوله: * (ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين) * ونحوها من الآيات. وقوله في هذه الآية الكريمة: * (حتى يغيروا ما بأنفسهم) * يصدق بأن يكون التغيير من بعضهم كما وقع يوم أحد بتغيير الرماة ما بأنفسهم فعم البلية الجميع، وقد سئل صلى الله عليه وسلم: (أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث) والله تعالى أعلم. قوله تعالى: * (هو الذى يريكم البرق خوفا وطمعا) *. ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أنه هو الذي يرى خلقه البرق خوفا وطمعا. قال قتادة: خوفا للمسافر يخاف أذاه ومشقته، وطمعا للمقيم يرجو بركته ومنفعته ويطمع في رزق الله. وعن الحسن: الخوف لأهل البحر، والطمع لأهل البر. وعن الضحاك: الخوف من الصواعق والطمع في الغيث.
وبين في موضع آخر: أن إراءته خلقه البرق خوفا وطمعا من آياته جل وعلا، الدالة على أنه المستحق لأن يعبد وحده لا شريك له. وذلك في قوله: * (ومن ءاياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزل من السمآء مآء) *. * (ولله يسجد من فى السماوات والا رض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والا صال * قل من رب السماوات والا رض قل الله قل أفاتخذتم من دونه أوليآء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا قل هل يستوى الا عمى والبصير أم هل تستوى الظلمات والنور أم جعلوا لله شركآء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شىء وهو الواحد القهار * أنزل من السمآء مآء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ومما يوقدون عليه فى النار ابتغآء حلية أو متاع زبد مثله كذالك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفآء وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الا رض كذالك يضرب الله الا مثال * للذين استجابوا لربهم الحسنى والذين لم يستجيبوا له لو أن لهم ما فى الا رض جميعا ومثله معه لافتدوا به أولائك لهم سوء الحساب ومأواهم جهنم وبئس المهاد * أفمن يعلم أنمآ أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولوا الألباب * الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق * والذين يصلون مآ أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب * والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلواة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولائك لهم عقبى الدار * جنات عدن يدخلونها ومن صلح من ءابائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب * سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار * والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون مآ أمر الله به أن يوصل ويفسدون فى الا رض أولائك لهم اللعنة ولهم سوء الدار * الله يبسط الرزق لمن يشآء ويقدر وفرحوا بالحيواة الدنيا وما الحيواة الدنيا فى الا خرة إلا متاع * ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه ءاية من ربه قل إن الله يضل من يشآء ويهدى إليه من أناب * الذين ءامنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب * الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مأاب * كذلك أرسلناك فى أمة قد خلت من قبلهآ أمم لتتلو عليهم الذى أوحينآ إليك وهم يكفرون بالرحمان قل هو ربى لا إلاه إلا هو عليه توكلت وإليه متاب) * قوله تعالى: * (ولله يسجد من فى السماوات والا رض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والا صال) *. بين تعالى في هذه الآية الكريمة أنه يسجد له أهل السماوات والأرض طوعا وكرها وتسجد له ظلالهم بالغدو والآصال. وذكر أيضا سجود الظلال، وسجود أهل السماوات والأرض في قوله * (أو لم يروا إلى ما خلق الله من شىء يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمآئل سجدا لله وهم ولله يسجد ما فى السماوات وما فى الا رض من دآبة والملائكة وهم لا يستكبرون) * إلى قوله * (يؤمرون) * واختلف العلماء في المراد بسجود الظل وسجود غير المؤمنين فقال بعض العلماء سجود من في السماوات والأرض من العام المخصوص فالمؤمنون والملائكة يسجدون لله سجودا حقيقيا وهو وضع الجبهة على الأرض يفعلون ذلك طوعا والكفار يسجدون كرها أعني المنافقين لأنهم كفار في الباطن ولا يسجدون لله إلا كرها كما قال تعالى: * (وإذا قاموا إلى الصلواة قاموا كسالى يرآءون الناس) * وقال تعالى: * (وما
(٢٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 ... » »»