أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٢٣٢
فالأول عن بعضهم وهو مجهول، وقد أنكره بعضهم، وقد أنكره الإمام مالك بن أنس وغيره من علماء المدينة. والثاني رواه الوليد بن مسلم عن رجل عن ميمون، والرجل مجهول. والله أعلم) اه.
وأما حجة مالك في أكثر الحيض للمبتدئة، فكحجة الشافعي وأحمد وحجته في أكثره للمعتادة ما رواه الإمام مالك وأحمد والشافعي وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن أم سلمة رضي الله عنها أنها استفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة تهراق الدم فقال (لتنظر قدر الليالي والأيام التي كانت تحيضهن وقدرهن من الشهر فتدع الصلاة ثم لتغسل ولتستشفر ثم تصلي) اه.
وهذا الحديث نص في الرجوع إلى عادة الحائض.
قال ابن حجر في التلخيص (في هذا الحديث قال النووي إسناده على شرطهما) وقال البيهقي (هو حديث مشهور، إلا أن سليمان بن يسار لم يسمعه من أم سلمة) وفي رواية لأبي داود عن سليمان أن رجلا أخبره عن أم سلمة، وقال المنذري لم يسمعه سليمان منها. وقد رواه موسى بن عقبة عن نافع عن سليمان عن مرجانة عنها، وساقه الدارقطني من طريق صخر بن جويرة عن نافع عن سليمان أنه حدثه رجل عنها. اه.
وللحديث شواهد متعددة تقوي رجوع النساء إلى عادتهن في الحيض كحديث حمنة بنت جحش، وحديث عائشة في قصة فاطمة بنت أبي حبيش، وأما زيادة ثلاثة أيام، فهي لأجل الاستظهار والتحري في انقضاء الحيضة ولا أعلم لها مستندا من نصوص الوحي الثابتة، وأما حجة مالك في أقل الحيض بالنسبة إلى العبادات فهي التمسك بظاهر إطلاق النصوص ولم يرد نص صحيح في التحديد.
وأما أقله بالنسبة إلى العدة والاستبراء فحجته فيه أنه من قبيل تحقيق المناط لأن الحيض دليل عادي على براءة الرحم فلا بد فيما طلبت فيه بالحيض الدلالة على براءة الرحم من حيض يدل على ذلك بحسب العادة المطردة، ولذا جعل الرجوع في ذلك إلى النساء العارفات بذلك لأن تحقيق المناط يرجع فيه لمن هو أعرف به وإن كان لاحظ له من علوم الوحي، وحجة يحيى بن أكثم في قوله (إن أقل الطهر تسعة عشر) هي أنه يرى أن أكثر الحيض عشرة أيام وأن الشهر يشتمل على طهر وحيض، فعشرة منه للحيض والباقي
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»