أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٢٣٣
طهر. وقد يكون الشهر تسعا وعشرين فالباقي بعد عشرة الحيض تسعة عشر. هذا هو حاصل أدلتهم وليس على شيء منها دليل من كتاب ولا سنة يجب الرجوع إليه. وأقرب المذاهب في ذلك هو أكثرها موافقة للمشاهد ككون الحيض لا يقل عن يوم وليلة ولا يكثر عن نصف شهر، وكون أقل الطهر نصف شهر والله تعالى أعلم.
مسألة اختلف العلماء في الدم الذي تراه الحامل هل هو حيض أو دم فساد فذهب مالك والشافعي في أصح قوليه إلى أنه حيض وبه قال قتادة والليث وروي عن الزهري وإسحاق وهو الصحيح عن عائشة. وذهب الإمام أبو حنيفة والإمام أحمد إلى أنه دم فساد وعلة، وأن الحامل لا تحيض وبه قال جمهور التابعين منهم سعيد بن المسيب، وعطاء، والحسن، وجابر بن زيد وعكرمة ومحمد بن المنكدر، والشعبي ومكحول، وحماد والثوري والأوزاعي وابن المنذر وأبو عبيد وأبو ثور، واحتج من قال إن الدم الذي تراه الحامل حيض بأنه دم بصفات الحيض في زمن إمكانه، وبأنه متردد بين كونه فسادا لعلة أو حيضا، والأصل السلامة من العلة، فيجب استصحاب الأصل.
واحتج من قال بأنه دم فساد بأدلة منها: ما جاء في بعض روايات حديث ابن عمر في طلاقه امرأته في الحيض أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر: (مره فليراجعها ثم ليطلقها طاهرا أو حاملا). وهذه الرواية أخرجها أحمد ومسلم وأصحاب السنن الأربعة. قالوا: قد جعل صلى الله عليه وسلم الحمل علامة على عدم الحيض، كما جعل الطهر علامة لذلك.
ومنها: حديث (لا توطأ حامل حتى تصنع، ولا حائل حتى تستبرأ بحيضة) رواه أحمد وأبو داود والحاكم من حديث أبي سعيد رضي الله عنه وصححه الحاكم وله شواهد، قالوا: فجعل صلى الله عليه وسلم الحيض علامة على براءة الرحم فدل ذلك على أنه لا يجتمع مع الحمل.
ومنها أنه دم في زمن لا يعتاد فيه الحيض غالبا فكان غير حيض قياسا على ما تراه اليائسة بجامع غلبة عدم الحيض في كل منهما.
وقد قال الإمام أحمد رحمه الله (إنما يعرف النساء الحمل بانقطاع الدم). ومنها: أنه لو كان دم حيض ما انتفت عنه لوازم الحيض. فلما انتفت عنه دل ذلك على أنه غير حيض، لأن انتفاء اللازم يوجب انتفاء الملزوم، فمن لازم الحيض حرمة
(٢٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»