أما الذي يظهر أنه ضعيف فهو أن المعنى: أن تلك الحجارة ليست بعيدة من قوم لوط. أي لم تكن تخطئهم.
قاله القرطبي وغيره. لأن هذا يكفي عنه قوله تعالى: * (وأمطرنا عليها حجارة) * ونحوها من الآيات. أما الوجهان اللذان يشهد لكل واحد منهما قرآن فالأول منهما: أن ديار قوم لوط ليست ببعيدة من الكفار المكذبين لنبينا. فكان عليهم أن يعتبروا بما وقع لأهلها إذا مروا عليها في أسفارهم إلى الشام، ويخافوا أن يوقع الله بهم بسبب تكذيب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مثل ما وقع من العذاب بأولئك، بسبب تكذيبهم لوطا عليه الصلاة والسلام. والآيات الدالة على هذا كثيرة جدا. كقوله: * (وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وباليل أفلا تعقلون) *، وقوله: * (وإنها لبسبيل مقيم إن فى ذلك لآية للمؤمنين) *، وقوله: * (وتركنا فيهآ ءاية للذين يخافون العذاب الا ليم) * وقوله: * (ولقد تركنا منهآ ءاية بينة لقوم يعقلون) * إلى غير ذلك من الآيات. وعلى هذا القول فالضمير في قوله * (وما هى) * راجع إلى ديار قوم لوط المفهومة من المقام.
الوجه الثاني أن المعنى: وما تلك الحجارة التي أمطرت على قوم لوط ببعيد من الظالمين للفاعلين مثل فعلهم، فهو تهديد لمشركي العرب كالذي قبله.
ومن الآيات الدالة على هذا الوجه قوله تعالى: * (أفلم يسيروا فى الا رض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها) * فإن قوله: * (وللكافرين أمثالها) * ظاهر جدا في ذلك، والآيات بنحو ذلك كثيرة.
تنبيه اختلف العلماء في عقوبة من ارتكب فاحشة قوم لوط، وسنذكر إن شاء الله أقوال العلماء في ذلك وأدلتهم وما يظهر رجحانه بالدليل من ذلك فنقول وبالله جل وعلا نستعين:
قال بعض العلماء: الحكم في ذلك: أن يقتل الفاعل والمفعول به مطلقا سواء كانا محصنين أو بكرين، أو أحدهما محصنا والآخر بكرا.
وممن قال بهذا القول: مالك بن أنس وأصحابه، وهو أحد قولي الشافعي، وإحدى الروايتين عن أحمد. وحكى غير واحد إجماع الصحابة على هذا القول، إلا أن القائلين به اختلفوا في كيفية قتل من فعل تلك الفاحشة.