، كما يدل له قوله تعالى في نبينا صلى الله عليه وسلم: * (النبى أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم) * وفي قراءة أبي بن كعب: (وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم) وروي نحوها عن ابن عباس. وبهذا القول قال كثير من العلماء.
وهذا القول تقربه قرينة وتبعده أخرى. أما القرينة التي تقربه فهي: أن بنات لوط لا تسع جميع رجال قومه كما هو ظاهر، فإذا زوجهن لرجال بقدر عددهن بقي عامة رجال قومه لا أزواج لهم. فيتعين أن المراد عموم نساء قومه، ويدل للعموم قوله: * (أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم) * وقوله: * (لتأتون الرجال شهوة من دون النسآء) * ونحو ذلك من الآيات.
وأما القرينة التي تبعده: فهي أن النبي ليس أبا للكافرات، بل أبوة الأنبياء الدينية للمؤمنين دون الكافرين، كما يدل عليه قوله: * (النبى أولى بالمؤمنين) *.
وقد صرح تعالى في الذاريات: بأن قوم لوط ليس فيهم مسلم إلا أهل بيت واحد وهم أهل بيت لوط، وذلك في قوله * (فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين) *. قوله تعالى: * (قال لو أن لى بكم قوة أو آوى إلى ركن شديد قالوا يالوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك) *. ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة: أن نبيه لوطا وعظ قومه ونهاهم أن يفضحوه في ضيفه، وعرض عليهم النساء وترك الرجال، فلم يلتفوا إلى قوله، وتمادوا فيما هم فيه من إرادة الفاحشة فقال لوط: * (لو أن لى بكم قوة) *. فأخبرته الملائكة بأنهم رسل ربه، وأن الكفار الخبثاء لا يصلون إليه بسوء.
وبين في القمر أنه تعالى طمس أعينهم، وذلك في قوله: * (ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنآ أعينهم فذوقوا عذابى ونذر) *. قوله تعالى: * (فأسر بأهلك بقطع من اليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها مآ أصابهم) *. ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة: أنه أمر نبيه لوطا أن يسري بأهله بقطع من الليل، ولم يبين هنا هل هو من آخر الليل، أو وسطه أو أوله، ولكنه بين في القمر أن ذلك من آخر الليل وقت السحر، وذلك في قوله: * (إلا آل لوط نجيناهم بسحر) *. ولم يبين هنا أنه أمره أن يكون من ورائهم وهم أمامه، ولكنه بين ذلك في