من الورق صدقة) الحديث.
فلو كان عنده أربع أواق من الورق الذي هو: الفضة، وما يكمل النصاب من الذهب فإنه يصدق عليه بدلالة المطابقة أنه ليس عنده خمس أواق من الورق.
وقد صرح النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الصحيح أنه لا صدقة في أقل من خمس أواق من الورق. وظاهر نص الحديث على اسم الورق يدل على أنه: لا زكاة في أقل من خمس أواق من الفضة. ولو كان عنده ذهب كثير. ولا دليل من النصوص يصرف عن هذا الظاهر. والعلم عند الله تعالى.
المسألة الثالثة: اختلف العلماء في زكاة الحلي المباح. فذهب جماعة من أهل العلم إلى أنه لا زكاة فيه. وممن قال به مالك، والشافعي وأحمد في أصح قوليهما، وبه قال عبد الله بن عمر بن الخطاب، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، وعائشة، وأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهم، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، وقتادة، وعطاء بن أبي رباح، ومجاهد، والشعبي، ومحمد بن علي، والقاسم بن محمد، وابن سيرين، والزهري، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو عبيد، وابن المنذر.
وممن قال بأن الحلي المباح تجب فيه الزكاة: أبو حنيفة رحمه الله، وروي عن عمر بن الخطاب، وابن عباس، وبه قال ابن مسعود، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وميمون بن مهران، وجابر بن زيد، والحسن بن صالح، وسفيان الثوري، وداود، وحكاه ابن المنذر أيضا عن ابن المسيب، وابن جبير، وعطاء، ومجاهد، وابن سيرين، وعبد الله بن شداد، والزهري.
وسنذكر إن شاء الله تعالى حجج الفريقين، ومناقشة أدلتهما على الطرق المعروفة في الأصول، وعلم الحديث. ليتبين للناظر الراجح من الخلاف.
اعلم أن من قال بأن الحلي المباح لا زكاة فيه: تنحصر حجته في أربعة أمور:
الأول: حديث جاء بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الثاني: آثار صحيحة عن بعض الصحابة يعتضد بها الحديث المذكور.
الثالث: القياس.
الرابع: وضع اللغة.
أما الحديث: فهو ما رواه البيهقي في معرفة السنن والآثار من طريق عافية بن أيوب، عن الليث، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا زكاة في الحلي).
قال البيهقي: وهذا الحديث لا أصل له، إنما روي، عن جابر من قوله غير مرفوع، والذي يروى عن عافية بن أيوب، عن الليث، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعا لا أصل له، وعافية بن أيوب مجهول: فمن احتج به مرفوعا: كان مغررا بدينه، داخلا