أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٨
الرحمن آمنا به وعليه توكلنا) * وإلى غير ذلك من الآيات وقوله تعالى. * (صراط الذين أنعمت عليهم) * لم يبين هنا من هؤلاء الذين أنعم عليهم. وبين ذلك في موضع آخر بقوله: * (فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا) *.
تنبيهان الأول: يؤخذ من هذه الآية الكريمة صحة إمامة أبي بكر الصديق رضي الله عنه؛ لأنه داخل فيمن أمرنا الله في السبع المثاني والقرءان العظيم أعني الفاتحة بأن نسأله أن يهدينا صراطهم فدل ذلك على أن صراطهم هو الصراط المستقيم.
وذلك في قوله: * (اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) * وقد بين الذين أنعم عليهم فعد منهم الصديقين. وقد بين صلى الله عليه وسلم أن أبا بكر رضي الله عنه من الصديقين فاتضح أنه داخل في الذين أنعم الله عليهم الذين أمرنا الله أن نسأله الهداية إلى صراطهم فلم يبق لبس في أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه على الصراط المستقيم وأن إمامته حق.
الثاني: قد علمت أن الصديقين من الذين أنعم الله عليهم. وقد صرح تعالى بأن مريم ابنة عمران صديقة في قوله: * (وأمه صديقة) * وإذن فهل تدخل مريم في قوله تعالى: * (صراط الذين أنعمت عليهم) * أو لا؟
الجواب: أن دخولها فيهم يتفرع على قاعدة أصولية مختلف فيها معروفة وهي: هل ما في القرءان العظيم والسنة من الجموع الصحيحة المذكرة ونحوها مما يختص بجماعة الذكور تدخل فيه الإناث أو لا يدخلن فيه إلا بدليل منفصل؟ فذهب قوم إلى أنهن يدخلن في ذلك وعليه: فمريم داخلة في الآية واحتج أهل هذا القول بأمرين:
الأول: إجماع أهل اللسان العربي على تغليب الذكور على الإناث في الجمع.
والثاني: ورود آيات تدل على دخولهن في الجموع الصحيحة المذكرة ونحوها كقوله تعالى في مريم نفسها: * (وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين) * وقوله في امرأة العزيز: * (يوسف أعرض عن هاذا واستغفري
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»