نفسه وحده. كقوله تعالى: * (قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) *.
ومعلوم أن آدم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ليس ممن يفسد فيها ولا ممن يسفك الدماء. وكقوله: * (هو الذي جعلكم خلائف في الأرض) * وقوله: * (وهو الذي جعلكم خلائف الأرض) * وقوله: * (ويجعلكم خلفاء الآية) *. ونحو ذلك من الآيات.
ويمكن الجواب عن هذا بأن المراد بالخليفة آدم وأن الله أعلم الملائكة أنه يكون من ذريته من يفعل ذلك الفساد وسفك الدماء. فقالوا ما قالوا وأن المراد بخلافة آدم الخلافة الشرعية وبخلافة ذريته أعم من ذلك وهو أنهم يذهب منهم قرن ويخلفه قرن آخر.
تنبيه قال القرطبي في تفسير هذه الآية الكريمة: هذه الآية أصل في نصب إمام وخليفة؛ يسمع له ويطاع؛ لتجتمع به الكلمة وتنفذ به أحكام الخليفة ولا خلاف في وجوب ذلك بين الأمة ولا بين الأئمة إلا ما روي عن الأصم حيث كان عن الشريعة أصم إلى أن قال: ودليلنا قول الله تعالى: * (إني جاعل في الأرض خليفة) *. وقوله تعالى: * (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض) *. وقال: * (وعد الله الذين ءامنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض) *. أي: يجعل منهم خلفاء إلى غير ذلك من الآي.
وأجمعت الصحابة على تقديم الصديق بعد اختلاف وقع بين المهاجرين والأنصار في سقيفة بني ساعدة في التعيين حتى قالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير فدفعهم أبو بكر وعمر والمهاجرون عن ذلك وقالوا لهم: إن العرب لا تدين إلا لهذا الحي من قريش ورووا لهم الخبر في ذلك فرجعوا وأطاعوا لقريش. فلو كان فرض الإمامة غير واجب لا في قريش ولا في غيرهم لما ساغت هذه المناظرة والمحاورة عليها. ولقال قائل: إنها غير واجبة لا في قريش ولا في غيرهم. فما لتنازعكم وجه ولا فائدة في أمر ليس بواجب ثم إن الصديق رضي الله عنه لما حضرته الوفاة عهد إلى عمر في الإمامة ولم يقل له أحد هذا أمر غير واجب علينا ولا