الاعتراض بأن غير رفاعة قد وقع له مع امرأته نظير ما وقع لرفاعة فلا مانع من التعدد وكون الحديث الأخير في قصة أخرى كما ذكره الحافظ ابن حجر في الكلام على قصة رفاعة فإنه قال فيها ما نصه: وهذا الحديث إن كان محفوظا فالواضح من سياقه أنها قصة أخرى. وأن كلا من رفاعة القرظي ورفاعة النضري وقع له مع زوجة له طلاق فتزوج كلا منهما عبد الرحمان بن الزبير فطلقها قبل أن يمسها فالحكم في قصتهما متحد مع تغاير الأشخاص. وبهذا يتبين خطأ من وحد بينهما ظنا منه أن رفاعة بن سموءل هو رفاعة بن وهب. ا ه محل الحاجة منه بلفظه. ومن أدلتهم ما أخرجه النسائي عن محمود بن لبيد قال: أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعا فقام مغضبا فقال: أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟ وقد قدمنا أن وجه الاستدلال منه: أن المطلق يظن الثلاث المجموعة واقعة فلو كانت لا تقع لبين النبي صلى الله عليه وسلم أنها لا تقع؛ لأنه لا يجوز في حقه تأخير البيان عن وقت الحاجة إليه.
وقد قال ابن كثير في حديث محمود هذا: أن إسناده جيد وقال الحافظ في بلوغ المرام: رواته موثقون وقال في الفتح: رجاله ثقات فإن قيل: غضب النبي صلى الله عليه وسلم وتصريحه بأن ذلك الجمع للطلقات لعب بكتاب الله يدل على أنها لا تقع؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد وفي رواية: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد فالجواب أن كونه ممنوعا ابتداء لا ينافي وقوعه بعد الإيقاع ويدل له ما سيأتي قريبا عن ابن عمر من قوله لمن سأله: وأن كنت طلقتها ثلاثا فقد حرمت عليك حتى تنكح زوجا غيرك وعصيت الله فيما أمرك به من طلاق امرأتك ولا سيما على قول الحاكم: إنه مرفوع وهذا ثابت عن ابن عمر في الصحيح ويؤيده ما سيأتي إن شاء الله قريبا من حديثه المرفوع عند الدارقطني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: كانت تبين منك وتكون معصية ويؤيده أيضا ما سيأتي إن شاء الله عن ابن عباس بإسناد صحيح أنه قال لمن سأله عن ثلاث أوقعها دفعة: إنك لم تتق الله فيجعل لك مخرجا عصيت ربك وبانت منك امرأتك.
وبالجملة فالمناسب لمرتكب المعصية التشديد لا التخفيف بعدم الإلزام ومن أدلتهم ما أخرجه الدارقطني عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: فقلت: يا رسول الله! أرأيت لو طلقتها ثلاثا أكان يحل لي أن أراجعها؟ قال: لا كانت تبين