أنها غير لازمة؛ لأن البيان لا يجوز تأخيره عن وقت الحاجة.
الوجه الثالث: أن إمام المحدثين محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله أخرج حديث سهل تحت الترجمة التي هي قوله: باب من جوز الطلاق الثلاث وهو دليل على أنه يرى عدم الفرق بين اللعان وغيره في الاحتجاج بإنفاذ الثلاث دفعة.
الوجه الرابع: هو ما سيأتي من الأحاديث الدالة على وقوع الثلاث دفعة كحديث ابن عمر وحديث الحسن بن علي وإن كان الكل لا يخلو من كلام. وممن قال بأن اللعان طلاق لا فسخ: أبو حنيفة ومحمد بن الحسن وحماد وصح عن سعيد بن المسيب كما نقله الحافظ ابن حجر في فتح الباري وعن الضحاك والشعبي: إذا أكذب نفسه ردت إليه امرأته.
وبهذا كله تعلم أن رد الاحتجاج بتقريره صلى الله عليه وسلم عويمر العجلاني على إيقاع الثلاث دفعة بأن الفرقة بنفس اللعان لا يخلو من نظر ولو سلمنا أن الفرقة بنفس اللعان فإنا لا نسلم أن سكوته صلى الله عليه وسلم لا دليل فيه بل نقول لو كانت لا تقع دفعة لبين أنها لا تقع دفعة ولو كانت الفرقة بنفس اللعان كما تقدم.
ومن أدلتهم حديث عائشة الثابت في الصحيح في قصة رفاعة القرظي وامرأته فإن فيه: فقالت: يا رسول الله! إن رفاعة طلقني فبت طلاقي الحديث. وقد أخرجه البخاري تحت الترجمة المتقدمة فإن قولها فبت طلاقي ظاهر في أنه قال لها: أنت طالق البتة.
قال مقيده عفا الله عنه: الاستدلال بهذا الحديث غير ناهض فيما يظهر؛ لأن مرادها بقولها: فبت طلاقي أي: بحصول الطلقة الثالثة.
ويبينه أن البخاري ذكر في كتاب الأدب من وجه آخر أنها قالت: طلقني آخر ثلاث تطليقات وهذه الرواية تبين المراد من قولها فبت طلاقي وأنه لم يكن دفعة واحدة ومن أدلتهم حديث عائشة الثابت في الصحيح. وقد أخرجه البخاري تحت الترجمة المذكورة أيضا: أن رجلا طلق امرأته ثلاثا فتزوجت فطلق فسئل النبي صلى الله عليه وسلم أتحل للأول؟ قال: لا حتى يذوق عسيلتها كما ذاق الأول فإن قوله ثلاثا ظاهر في كونها مجموعة واعترض الاستدلال بهذا الحديث بأنه مختصر من قصة رفاعة وقد قدمنا قريبا أن بعض الروايات الصحيحة دل على أنها ثلاث مفرقة لا مجموعة ورد هذا