ما لا يعقبه يسر دنيوي كالفقر والمرض الدائمين إلى الموت ولا أراك ترضى القول بأن الموت يسر دنيوي وإن من العسر مالا يعقبه يسر أخروي أيضا كعسر الكافر والجواب أن الحكم بالنسبة للمؤمنين كما يقتضيه مقام التسلية والتنفيس ويشعر به ما رواه مالك في الموطأ عن زيد بن أسلم قال كتب أبو عبيدة إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما يذكر له جموعا من الروم وما يتخوف منهم فكتب إليه عمر رضي الله تعالى عنه أما بعد فإنه مهما ينزل بعبد مؤمن شدة يجمل الله تعالى بعده فرجا ولن يغلب عسر يسرين لا يحسم الاشكال إذ يبقى معه إن من عسر المؤمن ما لا يعقبه يسر دنيوي كما هو ظاهر بل منه ما لا يعقبه بسر أخروي أيضا وذلك كعسر المؤمن الجازع فإنه لا يثاب عليه في الآخرة والظاهر من اليسر الأخروي هو الثواب فيها على ذلك العسر وإرادة المؤمن الصابر يبقى معها إن من عسره أيضا ما لا يعقبه اليسر الدنيوي وأجاب بعض على وجه التأكيد بأن الاستغراق عرفي ويكفي فيه أن العسر في الغالب يقبه يسر وعلى وجه التأسيس بهذا مع كون الحكم بالنسبة للمؤمن الصابر وآخر بأن الحكم مشروط بمشيئته تعالى وإن لم تذكر قيل ويشعر بذلك ما أخرجه عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية قال ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الآية أصحابه فقال عليه الصلاة والسلام لن يغلب عسران شاء الله تعالى يسرين ويفهم من كلام بعض الأفاضل أنه يجوز على وجه التأكيد أن يكون مع على ظاهرها والتنوين في يسرا للنوعية ولا اشكال في الاستغراق إذ لا يخلو لمرة في حال العسر عن نوع من اليسر وأقله دفع ما هو أعظم مما أصابه عنه ويجوز أن يكون التنوين للتفخيم أيضا ويكون اليسر العظيم المقارن للعسر هو دفع ذلك الأعظم وما من عسر إلا وعند الله تعالى أعظم منه وأعظم وأنه لا يأبى ذلك لن يغلب عسر يسرين اما لأن المعنى لن يغلب فرد من أفراد العسر ذكر اليسر مرتين في مقام التسلية أو لأن الآية أفادت ان مع العسر يسرا وقد علم أن بعده آخر على ما جرت به العادة الغالبة أو فهم من قوله تعالى * (سيجعل الله بعد هسر يسرا) * إن كان نزوله متقدما وذكر بعضم ان المعية على حقيقتها عند الخاصة على معنى ان كل ما فعل المحبوب محبوب كما يشير إليه قول الشيخ عمر بن الفارض قدس سره. وتعذيبكم عذب لدى وجوركم * على بما يقضي الهوى لكم عدل وقول الآخر: برجا تم أزتوهرجه * رسد جاي منت است كدناوك جفا ست * وكر خنجر ستم وتسمية ذلك عسرا لأنه في نفسه وعند العامة كذلك لا بالنسبة إلى من أصابه من المحبين المستعذبين له والكل كما ترى ثم أنه يبعد إرادة المعية الحقيقية ما أخرجه البزار وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط والحاكم والبيهقي في الشعب عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا وحياله حجر فقال عليه الصلاة والسلام لو جاء العسر فدخل هذا الحجر لجاء اليسر حتى يدخل عليه فيخرجه فانزل الله تعالى إن مع العسر يسرا الخ ولفظ الطبراني وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن مع العسر يسرا وإرادة العهد اسلم من القيل والقال وكأن من اختاره اختاره لذلك مع الاستئناس له بسبب النزول لكن الذي يقتضيه الظواهر ومقاماتها الخطابية الاستغراق فإذا قيل به فلا بد من التقييد بكون من أصابه العسر واثقا بالله تعالى حسن الرجاء به عز وجل منقطعا إليه سبحانه أو بنحو ذلك من القيود فتدبر والله تعالى الميسر لكل ما يتعسر. وقرأ ابن وثاب وأبو جعفر وعيسى العسر ويسرا في الموضعين بضم السين.
* (فإذا فرغت فانصب) * * (فإذا فرغت) * أي من عبادة كتبليغ الوحي * (فانصب) * فاتعب في عبادة أخرى شكرا لما عددنا عليك من النعم السالفة ووعدناك من الآلاء الآنفة كأنه عز وجل لما عدد عليه ما عدد ووعده صلى الله عليه وسلم بما وعد بعثه على الشكر والاجتهاد في العبادة وإن لا يخلي وقتا من أوقاته منها فإذا فرغ من