تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٣٠ - الصفحة ١٢٤
قوة كيف أهلك فكانه قيل ألم تر كيف أهلك ربك عادا كهلاك ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وهو قول غريب غير قريب وقرأ الحسن بعاد ارم بإضافة عاد إلى ارم فجاز أن يكون ارم جدا والوصفان لعاد وأن يكون مدينة والوصفان لازم وجوز أن يكونا لعاد وقرأ ابن الزبير بعاد أرم بالإضافة أيضا إلا أن أرم بفتح الهمزة وكسرة الراء قيل وهي لغة في المدينة لا غير وعن الضحاك أنه قرأ بعاد مصرروفا وغير مصروف أرم بفتح الهمزة وسكون الراء للتخفيف وأصله أرم كفخذ وقرىء إرم ذات باضافة إرم إلى ذات فقيل الارم عليه العلم والمعنى بعاد أعلام العماد وهي مدينتهم والتي صفة لذات العماد على الأظهر وعن ابن عباس أنه قرأ أرم بالتشديد فعلا ماضيا ذات بالنصب على المفعول به أي جعل الله تعالى ذات العماد رميما ويكون أرم على ما في البحر بدلا من فعل أو تبيينا له والمراد بذات العماد عليه اما عاد نفسها ويكون فيه وضع المظهر موضع المضمر والنكتة فيه ظاهرة وإما مدينتهم ويكون جعلها رميما أي اهلاكها كناية عن جعلهم كذلك وقرأ ابن الزبير لم يخلق مبنيا للفاعل وهو ضميره عز وجل مثلها بالنصب على المفعولية وعنه أيضا لم نخلق بنون العظمة.
* (وثمود الذين جابوا الصخر بالواد) * * (وثمود) * عطف على عاد وهي قبيلة مشهورة سميت باسم جدهم ثمود أخي جديس وهما ابنا عابر بن ارم بن سام بن نوح عليه السلام كانوا عربا من العاربة يسكنون الحجر بين الحجاز وتبوك وكانوا يعبدون الأصنام ومنع الصرف للعلمية والتأنيث وقرأ ابن وثاب بالتنوين صرفه باعتبار الحي كذا قالوا وظاهره أنه عربي وقد صرح بذلك فقيل هو فعول من الثمد وهو الماء القليل الذي لا مادة له ومنه قيل فلان مثمود ثمدته النساء أي قطعن مادة مائة لكثرة غشيانه لهن ومثمود إذا كثر عليه السؤال حتى نفدت مادة ما له وحكى الراغب أنه عجمي فمنع الصرف للعلمية والعجمية * (الذين جابوا الصخر) * أي قطعوا صخر الجبال واتخذوا فيها بيوتا نحتوها من الصخر كثوله تعالى وتنحتون من الجبال بيوتا قيل أول من نحت الحجارة والصخور والرخام ثمود وبنوا ألفا وسبعمائة مدينة كلها بالحجارة ولا أظن صحة هذا البناء * (بالواد) * هو وادي القرى وقرىء بالياء آخر الحروف والباء للظرفية والجار والمجرور متعلق بجابوا أو بمحذوف هو حال من الفاعل أو المفعول وقيل الباء للآلة أو السببية متعلقة بجابوا أي جابوا الصخر بواديهم أو بسببه أي قطعوا الصخر وشقوة جهلوه واديا ومحلا لمائهم فعل ذوى القوة والآمال وهو خلاف الظاهر وأيا ما كان فالجواب القطع والظاهر أنه حقيقة فيه تقول جبت البلاد أجوبها إذا قطعتها قال الشاعر: ولا رأيت قلوصا قبلها حملت * ستين وسقا ولا جابت بها بلدا ومنه الجواب لأنه يقطع السؤال وقال الراغب الجوب قطع الجوبة وهي الغائط من الأرض ثم يستعمل في قطع كل أرض وجواب الكلام وهو ما يقطع الجوب فيصل من فم القائد إلى سمع المستمع لكنه خص بما يعود من الكلام دون المبتدأ من الخطاب اننتهى فاختلا لنفسك ما يحلو.
* (وفرعون ذى الاوتاد) * * (وفرعون ذي الأوتاد) * وصف بذلك لكثرة جنوده وخيامهم التي يضربون أوتادها في منازلهم أو لأنه كان يدق للمعذب أربعة أوتاد ويشده بها مبطوحا على الأرض فيعذبه بما يريد من ضرب أو إحراق أو غيره وقد تقدم الكلام في ذلك.
* (الذين طغوا فى البل‍اد) * * (الذين طغوا في البلاد) * اما مجرور على أنه صفة للمذكورين عاد ومن بعده أو منصوب أو مرفوع على الذم أي طغى كل طاغية منهم في بلاده وكذا الكلام في قوله تعالى:
* (فأكثروا فيها الفساد) * * (فأكثروا فيها الفساد) * أي بالكفر وسائر المعاصي.
* (فصب عليهم ربك سوط عذاب) * * (فصب عليهم ربك) * أي أنزل سبحانه إنزالا شديدا على كل طائعة من أولئك الطوائف عقيب ما فعلت من الطغيان والفساد * (سوط عذاب) * أي سوطا من عذاب على أن الإضافة بمعنى
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»